الإصباح والجامع والمبسوط ، وظاهرهم عدم الجواز مطلقا ، بل في الأول كما عن الأخير أنه لا يجوز بحال ، وهو كالصريح في الإطلاق المزبور مع المصلحة وبدونها ، فتكون حينئذ كالعرصة ، لأصالة حرمة التصرف في الوقف ، إذ الوقوف على حسب ما يقفها أهلها ، لكن في كشف اللثام يعنون حرمة ما جرى عليه الوقف من الآلات إلا أن تقتضيه المصلحة كسائر الوقوف ، وفي المختلف وجامع المقاصد والروض والمسالك وعن نهاية الأحكام وحاشية الميسي التصريح بالجواز في عمارتها أو عمارة غيرها من المساجد مع عدم الانتفاع بها ، واستحسنه في الذكرى ، بل صرح الثانيان في كتبهما الثلاثة بالجواز أيضا مع المصلحة ، كما لو خيف عليها التلف أو صارت رثة لا ينتفع بها فيه أو نحو ذلك ، بل صرح في الجامع منها بأنه لو كان بيعها أعود مع الحاجة إليها للتصرف في مرمة المسجد فالظاهر جوازه للمصلحة ، وربما يؤيده في الجملة ما يأتي إن شاء الله من جواز بيع الأرض الموقوفة لرفع الخلف بين أربابها مثلا ، وفي المدارك « أن التحريم إنما يثبت مع انتفاء المصلحة ، وإلا جاز قطعا ، بل قد يجب ، ويتولاه الناظر » قلت : لا ريب في أصالة الحرمة ولا دليل على كفاية مطلق المصلحة.
نعم لا يبعد الجواز إذا تعذر استعمالها والانتفاع بها فيما قصده الواقف أو قرب منه ، ضرورة أولويته من التلف ، أما مع إمكان أحدهما فلا ، وربما يشهد له في الجملة كلامهم السابق في صرف آلات المسجد في مسجد آخر ، اللهم إلا أن يحمل ذلك منهم على الجواز ، أو يحمل هذا على تعذر الصرف مطلقا أو نحو ذلك ، فلاحظ وتأمل فإنه قد تقدم في ذلك المقام ماله دخل تام هنا في الدليل والحكم والموضوع أي الآلات ، فإنه قد يظهر من جامع المقاصد هنا أيضا أن الآلات عبارة عن الفرش والسرج خاصة وفيه ما عرفت ، ويأتي إن شاء الله في باب الوقف أو غيره تمام البحث في ذلك وغيره.
ثم إنه إذا بيعت مع المصلحة يجوز صرفها في عمارة مسجد آخر مع تعذر صرفها في