بل في المسالك « لم ينقلوا هنا قولا بفساده ، ولا وجوب قيمته عند مستحليه كما ذكروه في المهر ، مع أن الاحتمال قائم فيه ، أما الأول فلفقد شرط صحته ، وهو كونه مملوكا ، والجهل به لا يقتضي الصحة ، كما لو تبين فقد شرط في بعض أركان العقد ، وأما الثاني فلأن قيمة الشيء أقرب إليه عند تعذره ، ولأن المقصود من المعين ماليته ، فمع تعذرها يصار إلى القيمة ، لأنه لا مثل له في شرع الإسلام فكان كتعذر المثل في المثلي حيث يجب ، فإنه ينتقل إلى قيمته ـ ثم قال ـ : ولو ظهر مستحقا لغيره فالحكم فيه مع العلم والجهل كما فصل ».
قلت : كأن ذلك مؤيد لما ذكرناه من عدم المعاوضة حقيقة هنا ، وإلا كان مقتضاها الانتفاء من رأس بانتفاء العوض ، كما هو واضح ، ولكن لما كان إنشاء الطلاق مستقلا أثر أثره ، والفداء لم ينتف بانتفاء ذلك المعين عرفا بعد الإتيان بقدره خلا.
بل يمكن دعوى ذلك فيما لو كان الفداء خنزيرا بزعم أنه بقر مثلا فبان خنزيرا أبدل بما ينطبق عليه من البقر وصح ، لأنه قسم من الفداء ، والقيمة بعيدة عن مماثلة المبذول فداء ، كما هو واضح. ولا يرد ذلك في صورة العلم المنحلة إلى عدم إرادة الفدائية حقيقة ، لعلمهما بعدم صلاحيته فداء ، اللهم إلا أن يفرض في صورة الجهل بالحكم شرعا ، وحينئذ يأتي احتمال مثله ، وعلم أحدهما كاف في فساد البذل إجراء لحكم المعاوضة ، فتأمل جيدا.
ولو خالع على حمل الدابة أو الجارية لم يصح مع عدم وجوده ، لعدم كونه متمولا عرفا وشرعا ، نعم قد يقال بصحة بذل الثمرة قبل وجودها للطمأنينة بحصولها ، وكونها مالا ولو شرعا بدليل جواز بيعها.
أما مع وجوده ففي المسالك كذلك أيضا للجهالة ، بل لعله ظاهر المتن وغيره أيضا ، بل ظاهر المسالك انصحار المخالف في بعض العامة.
ولكن لا يخفى عليك أن المتجه الصحة بناء على ما ذكرناه واحتملها في