هؤلاء الأساطين أنه خفي عليهم ما لا يخفى على أصاغر الطلبة : من قاعدة تقديم مدعي الصحة على مدعي الفساد ، خصوصا بعد أن ملؤوا كتبهم منها ، فما احتمل في نفسه أن ذلك منهم لأمر آخر يحتاج إلى التأمل ، وهو ما ذكرناه ، ولعله قد ظهر له حقيقة الحال في الروضة ، ولذا لم يذكر شيئا من ذلك فيها ، بل ذكر كما ذكر الأصحاب ، فلاحظ وتأمل ، والله العالم. هذا تمام الكلام في الخلع.
( وأما المبارأة )
التي بمعنى المفارقة ف هي قسم من الخلع ، كما اعترف به في كشف اللثام ، بل هو مقتضى إثباتهم لها أحكام الخلع من دون دليل دل على تنزيلها منزلته ، بل هو مقتضى استدلالهم بآية الفدية (١) على الخلع وبعض أحكامه ، مع أنها في المبارأة باعتبار ظهورها في كون المورد خوف عدم إقامتهما حدود الله تعالى الذي هو كناية عن حصول الكراهة منهما ، إلى غير ذلك من الأمارات الدالة على أنها ضرب من الخلع ، إلا أنها اختصت باسم خاص لمكان انفرادها عن مطلق الخلع ببعض الأحكام ، كما يومئ إليه قولهم : إنها تزيد على الخلع بأمور ثلاثة وغيره ، فهي حينئذ كالمرابحة والمواضعة والمساومة والمحاقلة والمزابنة في البيع ، وبذلك عطفت على الخلع في النصوص (٢) واستحقت ذكر الكلام فيها بالخصوص.
بل ربما كان ذلك هو السبب في تعريف الخلع بما لا يشملها ، كما أنهم عرفوا الطلاق بما لا يشمل الخلع ، مع أنك قد عرفت كونه قسما من أقسامه ، بل لعله
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ٢٢٩.
(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب الخلع والمبارأة الحديث ٢ و ٤ والباب ـ ٦ ـ منه الحديث ١.