لذا توهم بعض الناس وجعل المبارأة إيقاعا مستقلا مقابلا للخلع ، ولم يعلم أن مقابلتها باعتبار المعنى الخاص للخلع لا مطلقه ، على نحو مقابلة السلم للبيع ، وإلا فهي قسم من المعنى العام للخلع الذي هو عبارة عن فدية الزوجة نفسها الكارهة لإرادة الفك من قيد الزوجية ، سواء كان ذلك مع كراهة الزوج أو لا ، وإن كان للقسم الأول بعض الأحكام الخاصة التي استحق بها اسم المبارأة التي توهم من ذلك لها أنها إيقاع خاص ينبغي اشتقاق صيغة له من اسمه كغيره من أسماء العقود والإيقاعات. بل تعارف في لسان الفقهاء أن المبارأة هو أن يقول : بارأتك على كذا فأنت طالق.
وكيف كان ف هي تترتب على كراهة كل واحد من الزوجين صاحبه بلا خلاف أجده فيه بينهم ، بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا إلى موثق سماعة (١) عن أبى عبد الله وأبي الحسن عليهماالسلام « سألته عن المبارأة كيف هي؟ فقال : يكون للمرأة شيء على زوجها من صداق أو من غيره ويكون قد أعطاها بعضه ، فيكره كل منهما صاحبه ، فتقول المرأة لزوجها : ما أخذته منك فهو لي وما بقي عليك فهو لك وأبارؤك ، فيقول لها الرجل : فإن أنت رجعت في شيء مما تركت فأنا أحق ببضعك ».
إنما الكلام في كون الكراهة هنا من المرأة هي الكراهة التي مر الكلام فيها في الخلع أو أنه يكفى هنا مطلقها وإن قلنا بعدم الاكتفاء به في الخلع ، بل لا بد من زيادة تلك الألفاظ أو ما في معناها؟ قد يظهر من ذكرهم اعتبار كراهة الزوج هنا زيادة على الخلع أن الكراهة منها متحدة فيهما ، وإنما زادت باعتبار كراهة الزوج ، ولهذا لم يتعرضوا للبحث فيها بالنسبة إليها ـ كغيرها مما مر في الخلع من المباحث ـ اتكالا على المساواة بينهما فيما لم يثبت زيادته ، لأنها كما عرفت خلع بالمعنى الأعم.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من كتاب الخلع والمبارأة الحديث ٣.