والكفاية والرياض أن الأولى الاقتصار على إطعام المد من الحنطة والدقيق إلا أن الأخير منهم نفى البأس عما سمعته سابقا من الخلاف من الاجتزاء بكل ما يسمى طعاما ترجيحا للغة هنا على العرف والعادة بالإجماع الذي حكاه على ذلك ، الذي منه ينبغي حمل الآية على الندب ، وكأنه أشار إلى ما في الصحاح من أن الطعام ما يؤكل ، قال : « وربما خص بالطعام البر » إلى غير ذلك من كلماتهم المختلفة أشد اختلاف ، بل بعضها لا يرجع إلى حاصل ، ولا يعرف له مستند.
وأما النصوص الواردة في تفسير الأوسط في كفارة اليمين فمنها ما هو ظاهر في إرادة التوسط في الجنس ، نحو خبر أبي بصير (١) « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن أوسط ما تطعمون أهليكم ، قال : ما تقوتون به عيالكم من أوسط ذلك ، قلت : وما أوسط ذلك؟ فقال : الخل والزيت والتمر والخبز تشبعهم به مرة واحدة ». وغيره (٢) ومنها ما هو ظاهر في إرادة التوسط في المقدار ، كخبره الآخر (٣) قال : « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عز وجل (٤) ( مِنْ أَوْسَطِ ) ـ إلى آخرها ـ قال : قوت عيالك ، والقوت يومئذ مد ». ولا يبعد إرادتهما معا من الأوسط.
قلت : قد يقوى في النظر الاجتزاء بكل ما تؤكل ويسمى طعاما لو كان الامتثال بالإشباع ، لإطلاق النصوص (٥) الاكتفاء بإشباعهم بما يسمى إطعاما الذي قد عرفت أن في اللغة الطعام لكل ما يؤكل ، فضلا عن الإطعام الذي هو في العرف كذلك أيضا ، فيصدق حينئذ بالإشباع من الفواكه والمربيات وغيرها مما هو أعلى منها أو أدنى.
__________________
(١) و (٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الكفارات الحديث ٥ ـ ٣.
(٣) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الكفارات الحديث ١٠.
(٤) سورة المائدة : ٥ ـ الآية ٨٩.
(٥) الوسائل الباب ـ ١٢ و ١٤ ـ من أبواب الكفارات.