بل قد يقال : اختلاف الأصحاب في ذلك بالنسبة إلى هذا القسم من الكفارة لا الإشباع الذي لا تقدير فيه بالمد قطعا.
بل لعل عبارة المتن والقواعد ظاهرة في ذلك ، حيث فرق ، فيهما بين الإطعام والإعطاء ، فاجتزأ بالثاني بالغالب من قوت البلد ، وأوجب في الأول الإطعام من أوسط ما يطعم أهله المعلوم إرادة الوجوب التخييري بينه وبين الأعلى ، بل والأدنى ، لما سمعته من النص (١) والفتوى على الاجتزاء بالثلاثة في الإطعام ، كما أشار إليه المصنف بقوله ويستحب أن يضم إليه إداما : أعلاه اللحم وأوسطه الخل والزيت وأدونه الملح.
قال الصادق عليهالسلام في صحيح الحلبي (٢) « في قول الله عز وجل (٣) ( مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ) : هو كما يكون في البيت من يأكل المد ، ومنهم من يأكل أكثر من المد ، ومنهم من يأكل أقل من المد فبين ذلك ، وإن شئت جعلت لهم أدما ، والأدم أدناه ملح ، وأوسطه الخل والزيت ، وأرفعه اللحم » وقد سمعت قوله عليهالسلام أيضا في خبري أبي جميلة (٤) وزرارة (٥) السابقين.
بل عن المفيد وسلار إيجاب ذلك للخبرين المزبورين وإن كان هو خلاف المشهور ، بل الخبران المزبوران قاصران عن إفادة الوجوب ، خصوصا بعد تفسيرهما للوسط بذلك المشعر بعدم إجزاء غيره ، مع أنهما لم يقولا به ، بل ولم يقل به أحد ، على أنهما غير مكافئين للصحيح المزبور الظاهر أو الصريح في عدم الوجوب ، للتعليق فيه على المشيئة المعتضد بإطلاق أدلة الإطعام كتابا (٦) وسنة (٧)
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الكفارات الحديث ٢ و ٣ و ٥ و ٩.
(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الكفارات الحديث ٣.
(٣) سورة المائدة : ٥ ـ الآية ٨٩.
(٤) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الكفارات الحديث ٢.
(٥) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الكفارات الحديث ٩.
(٦) سورة المجادلة : ٥٨ ـ الآية ٤.
(٧) الوسائل الباب ـ ١٢ و ١٤ ـ من أبواب الكفارات.