المتأخرين مطلق الكراهة في محله ، ولعله مراد المتقدمين أيضا ، بقرينة عدم ذكر الخلاف في المسألة ، وحينئذ تكون الكلمة متفقة على ذلك.
وكيف كان ف لو قالت : لأدخلن عليك من تكره لم يجب خلعها للأصل ، وظاهر نفي الجناح والحل في الكتاب (١) والسنة (٢) بل لا دليل في شيء منهما على استحبابه وإن قال المصنف وغيره يستحب إلا أنه ـ للتسامح فيه ـ يمكن أن يكون وجهه الخروج من شبهة الخلاف ولما أرسله في المتن من أن فيه رواية بالوجوب وإن كنا لم نقف عليها كما اعترف به غيرنا أيضا ، إلا أنه لا ينافي ذلك الاستدلال على الندب المتسامح فيه بها.
ومن ذلك يظهر لك ضعف المحكي عن الشيخ والقاضي وجماعة من القول بالوجوب إذا قالت ذلك أو خيف عليها الوقوع في المعصية ، استنادا إلى أن ذلك منكر منها والنهي عن المنكر واجب ، وإنما يتم بالخلع.
ورده في المسالك وتبعه عليه غيره بمنع انحصار النهي في الخلع ، بل تأدية بالطلاق المجرد من البذل أقرب إليه وأنسب بمقام الغيرة والنخوة من مراجعتها على بذل المال الحقير.
وفيه ( أولا ) منع كون القول نفسه من دون تعقبه بفعل منها منكرا.
و ( ثانيا ) منع وجوب الفراق عليه فضلا عن الخلع وإن أصرت هي على فعل الحرام ، إذ الواجب من النهي عن المنكر القول أو الفعل الذي لا يستلزم فوات حقه ، وإلا لوجب عليه تحرير العبد المصر على ترك طاعة سيده ، وهو معلوم البطلان إذ لا يجب على الغير رفع يده من ماله أو حقه مقدمة لخلاص الآخر عن الحرام القادر على تركه بدون ذلك.
هذا وظاهر القواعد بل والمتن والنافع اختصاص الخلاف في ذلك فيما لو
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ٢٢٩.
(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب الخلع والمبارأة.