بالمثل هنا وإن أمكنت إلا أن دفعها ممكن بعد اشتهار الأخذ بالاية الاولى ، وهو من أقوى المرجحات ، وغير ذلك مما ستعرفه في محله ، وإن كان في بعضها ما فيه ، خصوصا الآية التي يمكن الجزم ولو بمعونة ما ورد (١) فيها من التفسير بإرادة الرداءة من الخبث فيها من حيث المالية الذي هو مقتضى المفهوم من قوله تعالى (٢) ( لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ ) ومن غيره على وجه لا مدخلية لخبث العقيدة وإن كانت مالية تامة ، بل قد يقال : إن المنساق من الإنفاق غير العتق ، فما عن الإسكافي والشيخ وغيرهما ـ من الجواز للإطلاق الذي يجب الخروج عنه بما عرفت ـ ضعيف.
وكيف كان ف المراد بالايمان هنا الإسلام الذي هو الإقرار بالشهادتين أو حكمه الحاصل بسبب إسلام أحد الأبوين ولا يعتبر مع ذلك العلم بالتصديق القلبي الذي لا يمكن الاطلاع عليه ، وإن كان هو الإيمان حقيقة كما يومئ إليه قوله تعالى (٣) ( قُلْ : لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا : أَسْلَمْنا ) لكن الشارع أجرى على المقر حكم المؤمن قلبا مع فرض عدم الاطلاع على حاله ، بل ربما تعدى بعضهم فأجرى عليه حكم المسلم مع العلم بنفاقه مطلقا أو في بدء الإسلام ، إلا أن الأصح خلافه ، كما حققناه سابقا.
وكذا لا يعتبر الايمان بالمعنى الأخص الحادث الذي هو بمعنى الإقرار بالأئمة الاثني عشر ، لتأخره عن زمن الخطابات ، خلافا للتنقيح فاعتبره ، حاكيا له عن ابن إدريس ، لقاعدة الشغل التي هي غير مقعدة (٤) هنا ، وكأن الذي غره في ذلك ما ذكره الفخر في الإيضاح من تحرير الخلاف بين القائلين باشتراط الإسلام ، فحكي عن المرتضى وابن إدريس ـ ووالده منهم ـ القول بالاشتراط واختاره ،
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب زكاة الغلات من كتاب الزكاة.
(٢) سورة آل عمران : ٣ ـ الآية ٩٢.
(٣) سورة الحجرات : ٤٩ ـ الآية ١٤.
(٤) هكذا في النسخة الأصلية والاولى « غير متبعة » أو « غير مفيدة ».