ولا ينافي ذلك ما تضمنته الصحيحتان المتقدمتان من جريان السنة على الأذان لدى طلوع الفجر ، لما عرفت من أنّ مورد السنّة هو أذان الإعلام ، وهذا أذان آخر شرع للتهيؤ قبل الوقت أُشير إليه في نفس تينك الصحيحتين.
والمتحصّل : أنّ المستفاد من تضاعيف الأخبار امتياز الفجر بأذان ثالث قبل الوقت لانتفاع الجيران وتهيّئهم للعبادة ، والذي يختص بالوقت وما بعده هو أذان الإعلام وأذان الصلاة.
بقي أمران أحدهما : تضمنت صحيحة عمران الحلبي تجويز الأذان قبل الفجر للمنفرد قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الأذان قبل الفجر ، فقال : إذا كان في جماعة فلا ، وإذا كان وحده فلا بأس » (١) وهي تعارض صحيحتي ابن سنان المتقدمتين الدالتين على إطلاق المنع وحملهما على خصوص الجماعة كما ترى لقلتها وقتئذ في تلك الأزمنة ، والمرجع بعد التساقط إطلاق صحيحة معاوية بن وهب الدالة على اشتراط أذاني الاعلام والصلاة بدخول الوقت من غير فرق بين الجماعة والفرادى فتأمل. ولا يبعد حمل نفي البأس في صحيحة الحلبي على عدم أهمية الأذان للصلاة فرادى بخلاف الجماعة بل قيل بوجوبه لها كما تقدم.
ثانيهما : روى في المستدرك عن أصل زيد النرسي عن أبي الحسن عليهالسلام « قال : سألته عن الأذان قبل طلوع الفجر ، فقال عليهالسلام : لا ، إنما الأذان عند طلوع الفجر أوّل ما يطلع » وفي روايته الأُخرى عنه عليهالسلام « أنه سمع الأذان قبل طلوع الفجر ، فقال : شيطان ، ثم سمعه عند طلوع الفجر فقال عليهالسلام : الأذان حقّا » (٢) لكن السند ضعيف ، لجهالة الطريق إلى كتاب زيد كما تقدم (٣).
إذن فما تضمنته النصوص المتقدمة من جواز الأذان قبل الفجر لانتفاع
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٣٩٠ / أبواب الأذان والإقامة ب ٨ ح ٦.
(٢) المستدرك ٤ : ٢٥ / أبواب الأذان والإقامة ب ٧ ح ٢.
(٣) في ص ٢٩٨.