الثالث : اختلافهما في نفس الأمر والخارج كليهما ، مع اتحادهما في ـ الذّهن ، ذلك في القضايا الذهنية ، كقولنا : الإنسان نوع ، أو كلّي ، والحيوان جنس ، أو كلّي ، وأمثالهما ، مما كان المحمول فيها من الاُمور التي لا وجود لها إلّا في الذهن .
فإذا عرفت هذه فاعلم : أنّ القضية الحملية إذا كانت من القسم الأوّل ، أو الثالث فثبوت وصف أو حكم لواحد من مفهومي الموضوع والمحمول لا يقتضي ثبوتهما لمفهوم الآخر ، لاختلاف كلّ من المفهومين بحسب نفس الأمر ، وكون كل منهما لحقيقةٍ ، ومرآة لها غير الحقيقة التي يحكي عنها الآخر ، فعدم اقتضاء ثبوت الوضع للمحمول في قضية عدم صحة السلب ، ثبوته للموضوع فيما إذا كانا من قبيل المتساويين أو العامّين المطلق لذلك .
وأمّا إذا كانت القضية من القسم الثاني ، فلا يعقل الانفكاك بين ثبوت حكم أو وصف لأحدهما ، وبين ثبوتهما للآخر ، لكون كل منهما عين الآخر بحسب الحقيقة ، وكونهما مفهومين مختلفين إنّما هو باعتبار ملاحظة الأمر الخارج عن الحقيقة ، وانتزاعهما من الاعتبار الخاص ، لتصحيح الحمل ، ولا ريب أنّ ثبوت الحكم لأحدهمٰا ليس بعنوان هذا العنوان المنتزع ، بل بعنوان حقيقته وهويّته ، والمفروض اتّحاد حقيقتهما ، فثبوت حكم أو وصف لأحدهما عين ثبوته للآخر لذلك .
وقد عرفت أنّ الذي يدعيه من كون عدم صحّة السلب علامة للوضع فيه ، هو هذا القسم من الحمل ، فإذا ثبت وضع العين للذّهب ، أعني الجسم الخارجي المخصوص المقابل لمعنىٰ الفضّة ، فبعدم صحة سلبه بتأويله إلى مسمّى العين ، لتصحيح الحمل على الذهب بتأويله إلى مسمّاه يثبت اتحاد حقيقتهما ، فيكون المسمّىٰ بالذّهب عين المسمّىٰ بالعين ، فيثبت أنّ العين موضوع لما وضع له الذهب . هذا جواب بالحل والتحقيق .
وأمّا ثانياً : فبالنقض بجميع التعاريف
اللّفظية ، فإنّه لو كان المراد بالموضوع فيها غير ما أريد من المحمول ، فلا يكون هذا شرحاً للاسم ، إذا المقصود منها ذلك ،
كما أشرنا إليه ، فإنّ شرح الاسم عبارة عن بيان المسمّى ، ولا ريب أنّه لا يجوز بيان شيء بشيء مباين ومغاير له ، فمقتضى ذلك عدم ثبوت المسمّىٰ بهذا الحمل في تلك
القضايا ، وإن كان المراد بالموضوع عين ما أريد من المحمول ، فيمنع ذلك من الحمل ،
فكلما يُجيب هذا المورد عن الإشكال هنا ، ـ فليُجِب ـ به عما نحن فيه ، لاتحاد
الموردين