بل ربما يجعل هذا الخطاب بظهوره قرينة على تعيين المراد في هذا الامر المنفصل ورفع الاجمال عنه ، كما اذا ورد ( أكرم العلماء ) ثم ورد ( لا تكرم زيداً ) وفرضنا أنّ زيداً مشترك بين شخصين ، أحدهما من أفراد العالم والآخر من غيرها بأن يكون جاهلاً مع عدم القرينة على التعيين ، فإنّه لا ينبغي التوقّف عن التمسّك بعموم العام على اثبات الحكم لزيد العالم أيضاً بمجرد احتمال أنّ المراد من ذلك الخطاب المنفصل لعلّه زيد العالم ، فيكون المراد بالعام غيره ، فيكون موضوع الحكم مقيداً بكونه غير زيد .
وكذا الظّاهر من العرف جعله قرينة على المراد من هذا المجمل ، ولا بد من ذلك بعد اختيار أنّ الظواهر اللفظية انما اعتبرت من باب الكشف والطريقية ولو نوعا ، كما هو المختار فإنّ كلّ ما اعتبر من هذه الحيثية فهو معتبر في جميع ما دلّ عليه مطابقة أو تضمناً او التزاماً ، ولا ريب أنّ المفاد المطابقي للعام هو جميع الافراد التي منها زيد العالم ، ولازم ارادة ذلك منه ارادة غير زيد العالم من الخطاب الآخر ، وهو زيد الجاهل والّا لزم التناقض .
وكذلك الحال فيما اذا كان الخطاب مطلقا ؛ هذا اذا لم يعلم بتخصيص العام او تقييد المطلق أصلاً .
وأمّا اذا علم بأحدهما في الجملة وشك فيه بالنّسبة إلى أزيد من القدر المعلوم ، كما إذا علم بتقييد المطلق في قوله ( صلّ بالطهارة بالنسبة إلى حال تيسرها ، وشك فيه بالنسبة إلى حال التعسّر نظراً إلى إجمال ما دل على اعتبارها بالنسبة إلى تلك الحالة ، وكما إذا ورد ( أكرم العلماء ) وعلم بتخصيصه بالنسبة إلى مرتكبي الكبائر ، وشك فيه بالنسبة الى مرتكبي الصّغائر لإجمال المخصص بالنسبة اليهم بان يكون من الالفاظ المجملة ذاتاً او لاكتنافها بما أوجب إجمالها ، او إجماعاً (١) فالظّاهر جواز التمسك بالعام والمطلق على نفي التقييد والتخصيص بالنسبة الى مورد الشك ، إذ الشك بالنسبة إليه بدوي ، كما اذا لم يعلم بالتخصيص أصلاً وهو لا
___________________________
(١) هنا هامش للمقرر الا انه ناقص احتملنا كونه من المتن ولكنّ الظاهر أنّ مطلب المتن تام من دون احتياج الى الضميمة .