ويمكن أن يقال : إنّ ذلك مسلم في المركبات الخارجية ، حيث أن المقيد والقيد عندهم فيها كأنّهما فعلان وواجبان مستقلان ، فلذا يبنون على وجوب ذات المقيد عند تعذر قيده او تعسّره .
وأما في المركبات العقلية ، كما فيما نحن فيه بناء على تقييد المعنى المذكور بالقيد المذكور فلا ، فإنهما يعدان أمراً واحداً عندهم فإذا تعذر او تعسر أحدهما فارتفع التكليف عنه لذلك ، فيبنون على عدم التكليف رأساً ، بحيث لو ثبت التكليف عندهم بالباقي ، وهو ذات المقيد فيرونه تكليفاً حادثاً لموضوع آخر غير الأقل ، لارتفاع الأقل بارتفاع قيده ، لكونه معه واحداً ، فعلى هذا فمع تسليم الاحتمال المذكور اتجه الجواب بذلك في الفرض المذكور فيه .
الأمر الثاني (١) : امتثال النذر والبرء منه على القول بأن الألفاظ اسام للأعم إذا نذر أن يعطي لمن صلى او زكى او حج مثلاً درهماً ، ثم رأىٰ أحداً يفعل صورة أحد هذه الأفعال وشك في صحة الفعل الصادر منه ، فأعطاه الدرهم المنذور ، وعدم حصول الامتثال حينئذ بذلك على القول الآخر ، لعدم إحراز متعلق نذره أصلاً حينئذ ؛ إذ الشك في الصحة على هذا القول راجع الى المسمى فيشك حينئذ في كون الصادر منه صلاة ، هذا بخلاف القول بالأعم ، فإن كونه صلاة محرز بالحس وموضوع نذره هو الصّلاة ، فتبرأ ذمته باعطائه الدّرهم إياه ، وأما الشك في الصحة فهو يرجع إلى أمر خارج عن المسمى .
وفيه : أن النذر إنما يدور مدار قصد الناذر ، إذ لا ريب أنه قد يكون النذر متعلقاً بالصحيح مع كون الناذر أعمياً ، وقد يكون متعلقاً بالأعم مع كونه صحيحاً ، ومجرد وجود المسمّى للفظ عند النّاذر لا يكفي في امتثال نذره ، بل لا بدّ لكلّ ناذر من امتثال نذره على طبق مقصوده .
فنقول : حينئذ إنّ قصد الناذر إن تعلق بالصّحيح فلا بد من إحرازه ، ولو كان أعميا ، فإنه لولاه يشك في كونه موضوعاً لنذره ، ولا يحصل الامتثال للنذر إلّا بتحصيل ما يعلم أنّه موضوعه ، ومجرد كونه مسمّى اللفظ من غير تعلق القصد
___________________________
(١) اي الأمر الثاني من ثمرات المسألة حيث قال سابقاً وقد يجعل من ثمرات المسألة أمران : الأوّل . . .