لا ريب أنّ كل أحد إذا أراد أن يجعل حكماً لموضوع ، فهو إنما يتصور هذا الموضوع بعنوان البساطة ، وإن انحلّ عند العقل إلى أجزاء ، لا أنّه يلاحظ أجزاءه العقلية ، فيكون العام والخاص ـ حينئذ ـ من قبيل المتباينين لا يجوز تعيين أحدهما بالأصل .
نعم يجوز التعويل على هذا الأصل في موارد أصالة البراءة ـ في تعيين تعلّق التكليف بما هو أقل جزءً ـ من الأجزاء العقلية أيضاً ، كالتمسك به في تعيين تعلّقه بما هو أقل من حيث الأجزاء الخارجية ـ على مذهب من يرى أن حكم العقل بالبراءة مبنيّ على نفي الكلفة الزائدة مطلقاً ـ ولا ريب أنّ الخاص أكثر كلفةً في مقام الامتثال من العام للتّوسعة فيه بإتيانه في ضمن أي فرد شاء .
وأمّا على مذهب من يرى اختصاصه بالكلفة الناشئة عن الأجزاء الخارجية فلا .
نعم لو كان مراده التمسّك بالأصل في نفي الخصوصية الزائدة بالنظر إلى الاستعمال ، نظير ما مرّ من شيخنا ـ دام ظله ـ في التفصيل الذي اختاره فهو متجه .
الثاني من موقعي النظر ، قوله : ـ كما لو ترددنا بين أنْ تكون أداة الاستثناء موضوعة لخصوصيات مطلق الإخراج ، أو إخراج الأقلّ فقط فيرجح الأوّل ـ لأن التنظير في غير محلّه ، إذ ليس الأمر في أداة الاستثناء دائراً بين كونها موضوعة لمطلق الإخراج الذي هو العام ، وبين كونها موضوعة لإخراج الأخير فقط ، الذي هو الخاص ، ليكون من قبيل ما نحن فيه ، بل الأمر فيها عند المحققين المتأخرين دائر بين الاشتراك اللفظي التفصيلي وبين الاشتراك الاجمالي المعبر عنه بالوضع العام والموضوع له الخاص ، وبين الحقيقة والمجاز ، ولمّا كان الأول والثالث على خلاف الأصل فيرجّحون الثاني .
نعم التنظير متجه على مذهب القدماء ،
حيث إنّ الأمر فيها عندهم دائر بين كونها موضوعة لمطلق الإخراج ، وبين كونها موضوعة لإخراج الأخير فقط ، لكنه ( قدس سره ) ليس منهم ، فهذا التنظير لا يناسب مذهبه ، حيث إنّه من المتأخرين ، مع أنّه
فرض الأمر فيها دائراً بين الاشتراك الإجمالي ، وبين الحقيقة والمجاز ، بوضعها للإخراج
من الاخير ، وكونها مجازاً في غيره ، ولا ريب أنّ اشتباه الحال في أدوات الاستثناء
ليس لأجل اشتباه حال الاستعمال ، بل لأجل اشتباه فعل الواضع ، بأنّه هل لاحظ في وضعها الأمر
الكلي فوضعها لخصوصياتها ؟ أو لاحظ الأمر الخاص فوضعها له فقط ؟ وإلّا فالمستعمل