الواقع ؛ فإنّ ما يدلّ على وجوب امتثال الأوامر الواقعيّة ـ من العقل والنقل ـ موجود في المقام ، فإن كان معلوما فلا كلام ـ كما تقدّم ـ وإلاّ فيجب الأخذ بما جعله الشارع طريقا إليه ، وهي الأمارة اللاحقة. ولازم الأخذ بها هو فساد الأمارة الاولى وبقاء التكاليف الواقعيّة.
فإنّ الخبر الدال على جزئيّة السورة ، مفاده أنّ السورة في الواقع جزء للصلاة الواقعيّة ، ولا يفرق في ذلك بين من عمل بالأمارة الاولى ومن لم يعمل بها ، كما إذا كان الشخص تاركا للصلاة مثلا ، وقضيّة ذلك عدم تحقّق الصلاة بدون ذلك الجزء ، فيترتّب على ذلك ـ بحكم الأدلّة الدالّة على إطاعة الأوامر الواقعيّة وامتثال أوامر الله تعالى ـ إيجاد الصلاة ثانيا وعدم الاتّكال بما فعله في المرّة الاولى مطابقا للأمارة التي انكشف فسادها.
ولعمري أنّ بعد هاتين المقدّمتين ـ اللتين إحداهما : أنّ الأمارة التي أخذ بها سابقا ليست مغيّرة للواقع ، والثانية : أنّ مفاد الأمارة الثانية هو جزئيّة السورة مثلا للصلاة في الواقع ، من غير فرق بين العامل بالأمارة الاولى وتاركها ـ كان الحكم بعدم الإجزاء وعدم ترتّب الآثار على منار ، بحيث لا يعدّ منكره إلاّ مكابر ، أو غير ملتفت إلى حقيقة المقدّمتين.
والحاصل : أنّ فساد الأمارة الاولى يوجب حصول صغرى عند العامل ، مفادها : فساد العبادة أو المعاملة التي وقعت على طبقها ، ويتلوها كبرى شرعيّة ثابتة بالقطع : من لزوم إعادة الواجب الواقعيّ الثابت بمقتضى الأمارة الثانية التي يجب العمل بها بالفرض.
فإن قلت : لا دليل على وجوب العمل بالأمارة بالنسبة إلى الوقائع السابقة ، بل المأتيّ به أوّلا إنّما كان تكليفه في ذلك الزمان ، وتكليفه بعد الوصول إلى الأمارة الثانية إنّما هو العمل بها.