التعاريف هو ذكر الجنس أوّلا ثمّ الفصل ـ كما هو ظاهر ـ فلعلّ الوجه في تقديم ذلك في المقام هو التنبيه على أنّ المقصود الأصلي من السبب هو الوجود أو غير ذلك من النكات. وبالجملة : فأمثال ذلك لا يعدّ من المستدرك. نعم ، لو كان ما هو بمنزلة الجنس ممّا يغني عمّا هو بمنزلة الفصل كان الإيراد بالاستدراك موجّها.
وأمّا ثانيا : فلأنّ ما زعمه في توجيه كلامه في غاية السخافة ؛ إذ لا ينبغي لذي مسكة أن يتوهّم أنّ ذكر الجملة الثانية لإخراج المانع ؛ إذ هو ممّا يلزم من وجوده العدم ، فكيف يراد خروجه من قوله : « يلزم من عدمه العدم » وذلك أمر ظاهر.
نعم ، يرد على التعريف المذكور : أنّ السبب المجامع لعدم الشرط لو خلّي وطبعه لا يقتضي الوجود ؛ للفرق الظاهر بين عدم الشرط والمانع ، فإنّ المقتضي تامّ الاقتضاء مع وجود المانع. فيمكن القول بأنّ السبب لو خلّي وطبعه يلزم من وجوده الوجود ، بخلاف السبب المقارن لعدم الشرط ، فإنّ الشرط له مدخل في الوجود إمّا لكونه جزءا مؤثّرا ـ كما توهّم ـ أو لكونه شرطا في اقتضاء ما هو بعد احتفافه بالشرائط يكون مقتضيا ـ كما هو ظاهر ـ فلا وجه لإلحاق أحدهما بالآخر.
وأمّا ما ذكره : من إخراج الأسباب المتعدّدة من القيد المذكور في جانب العدم ، فيمكن أن يناقش فيه : بأنّ بعد ما هو المقرّر من امتناع ورود الأسباب المتعدّدة على مسبّب واحد ، ففي الموارد التي يتراءى تعدّده فيها ، إمّا أن يقال : بأنّ كلّ واحد من تلك الأسباب إنّما يؤثّر في وجود مسبّب خاصّ على وجه لا يترتّب عليه غيره ، أو يقال : بأنّ السبب هو القدر المشترك بين الامور المتعدّدة. وعلى التقديرين لا وجه للقيد المذكور ، أمّا على الأوّل : فلأنّ قيام سبب آخر لا يجدي في ترتّب ذلك المسبّب الّذي فرض عدم سببه. وأمّا على الثاني : فلأنّ السبب لم يرتفع ؛ لأنّ ارتفاع الكلّي وانعدامه إنّما هو بانعدام جميع ما يصدق عليه ، وارتفاع الخاصّ لا يدلّ على ارتفاع العامّ ؛ وذلك أيضا أمر ظاهر.