والأولى أن يقال : إنّ المراد بالسبب هو ما يستند إليه الأثر في الأفعال الاختياريّة وإن كان بعد اجتماع الشرائط ورفع الموانع.
وقد يقال : إنّ المراد مجموع الأفعال الاختياريّة الّتي يترتّب عليها الفعل.
وعلى هذا فلا فائدة في التفصيل المذكور ؛ إذ لعلّه لا نزاع في وجوب أجزاء الواجب ، وبعد القول بوجوب الكلّ يلزم وجوب الأجزاء ؛ ومن هنا حكم بعضهم (١) بخروج المقدّمة الداخليّة من النزاع.
وتحقيق ذلك أن يقال : إنّ الجزء له اعتباران : أحدهما : اعتباره لا بشرط ، وهو بهذا الاعتبار عين الكلّ ومتّحد معه ؛ إذ لا ينافي ذلك انضمام سائر الأجزاء إليه ، فيصير مركّبا منها ، ويكون هو الكلّ. وثانيهما : اعتباره بشرط لا ، وهو بهذا الاعتبار يغاير الكلّ.
ويمكن أن يكون النزاع متوجّها إليه في أنّ الوجوب المتعلّق بالكلّ هل يلازم وجوب الجزء أو لا؟ وحيث إنّ ذات الجزء لا يختلف بالاعتبارين ـ وإن كان نفس الاعتبارين مختلفين ـ فلا محالة يتّصف الجزء بالوجوب على الوجه الأوّل ، ضرورة وجوب الكلّ بالفرض ، فلا ثمرة في النزاع ؛ لأنّ الوجوب على ذلك الوجه قطعيّ ، وهو يغني عن النزاع في وجوبه على الوجه الثاني.
وربّما يتوهّم : أنّ وجوب الكلّ مركّب من وجوبات متعلّقة بأجزائه. وهو فاسد جدّا ؛ ضرورة أنّ الوجوب المتعلّق بالكلّ أمر بسيط ، وهي الحالة الطلبيّة
__________________
(١) لم نعثر على هذا البعض ، نعم نسب إلى السيّد نعمة الله وسلطان العلماء ، انظر توضيح القوانين المطبوع في هامش القوانين ١ : ١٠٨ ، وقال المحقّق القمّي في نفس الموضع من القوانين : « وربّما نفى الخلاف عن الوجوب في الجزء ... » ، وجاء في ضوابط الاصول : ٨٢ « ثمّ اعلم أنّ بعضهم ادّعى الإجماع على كون المقدمات الداخليّة واجبة ، وقال : إنّ النزاع في المقدّمات الخارجيّة ».