هذا ملاحظة الحدود المذكورة في كلماتهم للسبب : من اعتبار القيد المذكور وتقسيم المقدّمة إلى السببيّة والشرطيّة ؛ مضافا إلى أنّ العلّة التامّة لأفعال المكلّفين لا محالة مشتملة على الامور الخارجة عن قدرة المكلّف واختياره ، ولا أقلّ من وجود الفاعل ، فإنّه من جملة ما يتوقّف عليه وجود الفعل قطعا ، وليس ممّا يحتمل أن يكون واجبا لكونه من أجزاء العلّة التامّة.
وظاهر كلام السيّد رحمهالله حيث حكم بامتناع أن يكون المقدّمة السببيّة شرطا للوجوب لاستلزامه إيجاب الشيء على تقدير وجوبه وطلب الحاصل (١) ، هو أنّ المراد بالسبب العلّة التامّة ، إذ الملازمة المذكورة متحقّقة بينها وبين المعلول دون بعض أجزائها ، وقد عرفت أنّ العلّة التامّة في وجود الأفعال الاختياريّة يمتنع أن يكون فعلا اختياريّا ؛ فلا وجه لأن يكون المراد بالسبب هو العلّة التامّة.
وأمّا كلام السيّد رحمهالله فغير محصّل المراد ؛ مع أنّ المذكور في « المعالم » (٢) من كلامه ما يمنع من أن يكون المراد به العلّة التامّة ، وهو قوله : « ما لم يمنع منه مانع » ؛ فإنّ فرض المانع ينافي العليّة التامّة ، اللهم إلاّ على تأويل بعيد ، كما ارتكبه بعض المدقّقين في كلامه ، قال : لعلّه يرى السبب من الملزومات العاديّة كضرب السيف لجزّ الرقبة ، فإنّه ملزوم له عادة ، لكن قد يمنع منه بطريق خرق العادة (٣).
وزعم بعضهم (٤) : أنّ المراد بالسبب هو الجزء الأخير من الأفعال الاختياريّة التي هي من جملة العلّة التامّة.
__________________
(١) الذريعة ١ : ٨٥.
(٢) المعالم : ٦١.
(٣) وهو المحقق الشيرواني في حاشيته المطبوعة في هامش المعالم ( الطبعة الحجرية ) : ٥٨ ، ذيل كلام الماتن : إلاّ أن يمنع مانع.
(٤) وهو صاحب الفصول ، انظر الفصول : ٨٤.