المشروط عن العنوان بواسطة لفظ « الواجب » المحمول على الحقيقة (١). وفرّع على ذلك عدم الحاجة إلى ما أخذه بعضهم في العنوان من قيد القدرة (٢) ؛ لأنّ الواجب بالنسبة إلى المقدّمة الغير المقدورة مشروط ولا نزاع في مقدّمات الواجب المشروط ، كما استكشفنا من أصالة الحقيقة المعمولة في لفظ « الواجب » ، فلا حاجة إلى التقييد المذكور.
والتحقيق في المقام : أنّ القائلين باختصاص النزاع بمقدّمات الواجب المطلق إن حاولوا بذلك إخراج الواجب المشروط بالنسبة إلى مقدّماته الوجوبيّة مع عموم النزاع بالنسبة إلى مقدّمات وجوده فهو كلام سديد لا محيص عنه ، إلاّ أنّ ذلك تخصيص في المقدّمة لا في الواجب ؛ ولقد نبّهنا على خروج المقدّمات الوجوبيّة فيما مرّ (٣) ، والمتراءى منهم تخصيص الواجب ، كما يظهر ممّا قدّمنا من أخذ بعضهم قيد الإطلاق في العنوان ؛ فإنّ الظاهر منه أنّ مقدّمة المشروط لا نزاع فيها سواء كانت وجوبيّة أو وجوديّة.
ويظهر ذلك في الغاية بملاحظة كلام المعترض ، ويتّضح غاية الوضوح من التأمّل فيما أورد المعتذر من إعمال أصالة الحقيقة في لفظ « الواجب » ، وكفاك شاهدا في المقام ملاحظة جميع عنواناتهم ، فإنّ المنساق من قولنا : « مقدّمة الواجب » أو « ما لا يتمّ الواجب إلاّ به » هو ما يتوقّف عليه الوجود ، فإنّ المقدّمة الوجوبيّة يتوقّف عليها الوجوب لا الوجود ، فعلى ذلك لا وجه لقيد الإطلاق ؛ إذ ينحصر النزاع على تقديره في مقدّمات وجود الواجب المطلق.
__________________
(١) الزبدة : ٤٦.
(٢) كما في مبادئ الوصول إلى علم الاصول : ١٠٦ ، وتهذيب الوصول : ٢٧ ، والمعالم : ٦٠.
(٣) راجع الصفحة ٢١٦.