لكن ذلك يتمّ بناء على ما هو التحقيق : من عدم صحّة الاستناد إلى الاستصحاب في مثل المقام ، لاختلاف القضيّة المشكوكة مع القضية المعلومة. وأمّا بناء على مذاق القوم : من أنّ أمر الاستصحاب في وحدة القضيّة موكول إلى العرف ويكفي في وحدة الموضوع اتّحاده العرفي ، فالمورد حينئذ من موارد الاستصحاب. ولا يعارضه أصالة البراءة كما قرّرنا في محلّه (١).
وتارة : يشكّ في كون الشيء شرطا للوجوب حدوثا أو شرطا للوجود بقاء ، فعند عدم ذلك الشيء لا إشكال في الأخذ بالبراءة إذا لم يكن مسبوقا بالوجود. وأمّا بعد الوجود فمع بقائه أيضا لا إشكال في الوجوب ، وأمّا مع عدمه ثانيا فهل يجب إيجاده في المأمور به أولا؟ وجهان مبنيّان على الأخذ بالبراءة أو الاشتغال فيما إذا شكّ في اشتراط الواجب بشيء ، ونحن رجّحنا القول بالبراءة في محلّه (٢) ، فلا يجب إيجاده ثانيا في المأمور به. والتفصيل موكول إلى محلّه.
وتارة : يعلم الاشتراط في الجملة ولكن لا يدرى المشروط به ، فلا إشكال قبل الوجود ، لأنّ الأصل الاشتراط والبراءة. وبعد حدوثه فالحكم ما عرفت : من رجوع الأمر إلى الشكّ في الجزئيّة والشرطيّة فيما إذا انعدم ثانيا.
وتارة : يشكّ في اشتراط الواجب بشيء مع كون نفس الواجب من أطراف العلم الإجمالي ، كما إذا علمنا إجمالا بوجوب الظهر أو الجمعة مع الشكّ في اشتراط الأخير بوجود الإمام عليهالسلام. ولا بدّ من الأخذ بالاحتياط والجمع بين الصلاتين ، ولا وجه لإعمال البراءة ؛ لأنّ الاصول العمليّة ممّا لا حكم لها في قبال العلم الإجمالي.
__________________
(١) انظر فرائد الاصول ٣ : ٣٧٨.
(٢) انظر فرائد الاصول ٢ : ٣٥٩ و ٤٠٠ ـ ٤٠١.