عن الروض (١) ، ومنها حكمهم بوجوب تعلّم مسائل القصر والإتمام للمسافر ... إلى غير ذلك من الموارد التي تظهر جملة منها للمتتبّع في مطاوي كلمات الفقهاء.
ولهم في التفصّي عن هذه العويصة طريقان :
الأوّل : ما سلكه بعض أعاظم المحقّقين في تعليقاته على المعالم ، ولعلّه تبع في ذلك غيره. وملخّصه : أنّ وجوب الإتيان بهذه المقدّمات ليس من حيث استلزام وجوب ذيها وجوبها كما هو المراد بوجوب المقدّمة ، بل وجوبها نفسيّ وإن كانت المصلحة في وجوبها النفسي إمكان التوصّل بها إلى ذيها.
قال فيما حكي عنه : إن فسّر الوجوب الغيري بما يكون وجوب الفعل منوطا بوجوب غيره وحاصلا من جهة حصوله من غير أن يكون له مطلوبيّة بحسب ذاته بل يكون مطلوبيّته لأجل مطلوبيّة غيره ، لم يتعلّق وجوبه الغيري قبل حصول الوجوب النفسي للغير ؛ لتفرّع حصوله على حصوله وتقوّيه به وإن تعلّق به أمر أصلي. وإن فسّر الوجوب الغيري بما لا يكون المصلحة الداعية إلى وجوبه حاصلة في نفسه بل يكون تعلّق الطلب له لأجل مصلحة تحصل بفعل غيره لا يجوز تفويت المكلّف لها فيجب عليه ذلك ليتمكّن من إتيانه بذلك الغير ، أمكن القول بوجوبها قبل وجوب ذيها ، لا من جهة الأمر الذي تعلّق بذيها ، بل بأمر أصلي يتعلّق به ، ويكون الحكمة الباعثة على تعلّق الطلب به تحصيل الفائدة المترتّبة على فعل آخر يكون ذلك الفعل موصلا إليه إن بقي المكلّف على حال يصحّ تعلّق التكليف به عند حضور وقته ، وقضيّة ذلك استحقاق المكلّف للعقاب عند تركه. لكن عدّ ذلك من الوجوب الغيري محلّ تأمّل. بل لا يبعد كونه من الوجوب النفسي (٢). انتهى ما أردنا نقله من كلامه.
__________________
(١) روض الجنان ٢ : ٥٢٣ ـ ٥٢٤.
(٢) هداية المسترشدين ٢ : ١٧٠ ـ ١٧١.