وفيه : أنّ الوجوب الغيري على التفسير الثاني ، إمّا أن يكون من لوازم نفس المقدّميّة ووجوبها كأن يكون وجوب ذي المقدّمة يلازم هذا النحو من الوجوب في المقدّمة ، وإمّا أن لا يكون هذا النحو من الوجوب من لوازم وجوب ذيها. فعلى الأوّل لا وجه لاختصاص ذلك ببعض المقدّمات بعد استوائها فيما هو المناط للوجوب. وعلى الثاني فلا مدخل له في المقام ؛ إذ الإشكال ناش من جهة وجوبها الغيري على التفسير الأوّل. والتزام الوجوب النفسي لا يدفع الإشكال الناشئ من جهة الغير.
الثاني : ما أفاده بعض الأجلّة ، من الفرق بين الواجب المشروط والواجب المعلّق ، وما يجب فيه الإتيان بالمقدّمة قبل ذيها إنّما هو في الواجب المعلّق دون المشروط ، ولا محذور ؛ لأنّ المعلّق وجوبه حالي ، دون المشروط فإنّ الطلب فيه مشروط.
قال في جملة كلام له في إبداء الفرق بين هذين النوعين من الوجوب : إنّ الموقوف عليه في المشروط شرط الوجوب وفي المعلّق شرط الفعل ، فلا تكليف في الأوّل بالفعل ولا وجوب قبله ، بخلاف الثاني كما أشرنا إليه ، ففرق إذن بين قول القائل : « إذا دخل وقت كذا فافعل كذا » وقوله : « افعل كذا في وقت كذا » فإنّ الاولى جملة شرطيّة مفادها تعلّق الأمر والإلزام بالمكلّف عند دخول الوقت ، وهذا قد يقارن وقت الأداء فيه لوقت تعلّق الوجوب وقد يتأخّر عنه ، كقولك : « إن زارك زيد في الغداة فزره في العشاء » ، والثانية جملة طلبيّة مفادها إلزام المكلّف بالفعل في الوقت الآتي.
وحاصل الكلام : أنّه ينشئ في الأوّل طلبا مشروطا حصوله بمجيء وقت كذا ، وفي الثاني طلبا حاليّا والمطلوب فعل مقيّد بكونه في وقت كذا (١). انتهى ما أردنا نقله.
__________________
(١) الفصول : ٨٠.