وتوضيح ما ذكره : أنّ نسبة الفعل إلى الزمان والمكان متساوية ، فكما أنّه يمكن أن يكون الفعل المطلوب مقيّدا بوقوعه في مكان خاصّ ـ كالصلاة في المسجد ـ كذا يمكن أن يكون وجوبه مشروطا بوقوعها في مكان خاصّ. فعلى الأوّل فاللفظ الكاشف عن ذلك الطلب لا بدّ أن يكون على وجه الإطلاق ، كأن يقول : « صلّ في المسجد » وعلى الثاني لا بدّ أن يكون على وجه الاشتراط ، كأن يقول : « إذا دخلت المسجد فصلّ » وهذان الوجهان بعينهما جاريان في الزمان أيضا ، فيمكن أن يلاحظ الآمر (١) المقيّد بوقوعه في زمان خاصّ ، فيطلب على هذا الوجه من المكلّف ، ولا بدّ أن يكون التعبير عن ذلك المعنى على وجه الإطلاق ، كأن يقول : « صلّ صلاة واقعة في وقت كذا ». ويمكن أن يلاحظ الفعل المطلق (٢) لكن وجوبه المتعلّق به وطلبه مشروط بمجيء وقت كذا.
فالوجوب على الأوّل فعليّ ، ولا بأس باتّصاف مقدّمات الفعل الواجب على هذا الوجه بالوجوب ، إذ لا خلف حينئذ ، لأنّ ذاها أيضا متّصف بالوجوب. بخلاف الوجوب على الوجه الثاني ، فإنّ الفعليّة إنّما هي منتفية في الواجب المشروط ، فيمتنع اتّصاف مقدّماته بالوجوب الفعلي.
ففي الموارد التي حكموا فيها بوجوب المقدّمة قبل وجوب ذيها يلتزم بأنّ الواجب (٣) معلّق ، بمعنى أنّ المطلوب هو الفعل المقيّد بوقت كذا ، ووجوب المقدّمة تابع لوجوب ذيها ، لا أنّه تابع لنفس الواجب ، فيمكن أن يكون وقت إيقاعها قبل زمان إيجاده ، لأنّ زمان اتّصاف الفعل المقيّد بالوجوب ليس متأخّرا عن زمان
__________________
(١) في ( م ) زيادة : « الفعل » تصحيحا. والصواب في العبارة : أن يلاحظ الآمر الفعل مقيّدا.
(٢) في ( م ) شطب على « المطلق » وكتب عليه : « مطلقا » والتصحيح في محلّه.
(٣) في ( ع ) زيادة : « فيه » ، والمناسب : فيها.