فإنّ ذلك سهو ظاهر. وكأنّه تشابه الأمر عليه في إملاء التوصّل بـ « الصاد » مع التوسّل بـ « السين » وهو يساوق الوجوب الغيري ، وإلاّ فكيف يعقل أن يكون تغسيل الأموات وتكفينها ودفنها من الواجبات التوصّليّة.
فحاصل الفرق بين القسمين : أنّ التعبّدي مشروط بالقربة والتوصّلي لا يشترط فيه ذلك.
وقد يفرق بينهما بوجهين آخرين :
أحدهما : لزوم المباشرة في الأوّل بخلاف الثاني ، إذ يجري فيه حصول الفعل في الخارج ولو بمباشرة من غير المكلّف.
الثاني : اجتماع الثاني مع الحرام بخلاف الأوّل ، إذ لا يعقل أن يكون العبادة (١) محرّمة.
وكلاهما فاسدان (٢).
أمّا الأوّل : فلأنّ القائل بالفرق المذكور إن أراد به أن ظاهر الأوامر التوصّلية يقضي بعدم لزوم المباشرة من المخاطب بالخطابات الدالّة على هذه الواجبات ، فهو ممّا لا ينبغي أن يصغى إليه ؛ ضرورة أنّ ظاهر الصيغ الأمريّة توجّه التكليف المستفاد منها إلى خصوص المخاطب بها ، كيف! وحال الفاعل ونفس الفعل سواء ، فلو احتمل أن لا يكون الفاعل المخاطب مباشرا له ، فيحتمل أن لا يكون نفس الفعل مأمورا به أيضا. وذلك ظاهر جدّا.
وإن أراد بذلك أنّ مجرّد كون الواجب توصّليّا يقضي بأن لا يكون المباشرة للفعل المأمور به واجبا وإن كان ظاهرا في المباشرة بحسب القواعد اللفظيّة ، فهو
__________________
(١) في ( ع ) و ( م ) زيادة : التعبّديّة.
(٢) في ( ع ) و ( م ) : فاسد.