و ( أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ )(١) و ( أُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ )(٢) و ( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ )(٣) فمدخول اللام هذه يكون مفعولا به ـ على ما صرّح به بعضهم (٤) ـ حتّى أنّ المصرّح به في كلام ابن هشام (٥) ـ على ما حكي ـ : أنّ القائل بعدم التقوية في مثل هذه إنّما زعم ذلك لعدم قصور الفعل وعدم الحاجة إلى التقوية ، فالمفعول به عنده مقدّر ، لكنّه لا يخالف المذكور ، بل يكون من جنسه. فالتقدير في آية التطهير : يريد الله الإذهاب ليذهب.
وكيف كان فلا ينبغي التأمّل في أن اللام هذه ليست للغاية ، لما عرفت. مضافا إلى عدم استقامة العطف في قوله تعالى : ( وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ )(٦) فإنّهما معطوفان على قوله : ( لِيَعْبُدُوا ) وقضيّة ذلك تكرار العامل كما يؤذن به حذف النون (٧) منهما أيضا ، مع أنّهما ليسا غايتين بل هما مأمور بهما. وذلك ظاهر.
ومع التنزّل فلا دلالة في الآية على المطلوب ، لاحتمال أن يكون الأوامر المتعلّقة بهم لطفا في التعبّد ، كما في قوله تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ )(٨) فتكون العبادة والتذلّل من الغايات المترتّبة على الأوامر ، سواء كانت تعبّدية أو توصّليّة.
__________________
(١) الأنعام : ١٤.
(٢) الشورى : ١٥.
(٣) الأحزاب : ٣٣.
(٤) راجع مغني اللبيب ١ : ٢٨٥.
(٥) لم نعثر عليه.
(٦) البيّنة : ٥.
(٧) في ( ع ) و ( م ) : حذف المفعول.
(٨) العنكبوت : ٤٥.