وإن اريد (١) من حصر المأمور به في العبادة أنّ العبادة هي المأمور بها فقط على وجه لا يكون غيرها مأمورا به كأن يكون اللام للصلة والتقوية ـ كما هو الظاهر ـ ففيه : أنّ المراد بالعبادة على وجه الإخلاص ليس إلاّ التوحيد ، كما فسّرت بذلك في لسان بعض أهل التفسير ، فعن الطبرسي أنّه قال بعد قوله : ( وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ ... : ) أي لم يأمرهم الله تعالى إلاّ لأن يعبدوا الله وحده لا يشركون بعبادته ، فهو ممّا لا يختلف فيه ملّة ولا يقع فيه التبدّل (٢).
قلت : ولعلّه يشير بذلك إلى تفسير قوله تعالى : ( وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ. )
وعنه أيضا بعد قوله : ( مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) لا يخلطون بعبادته عبادة ما سواه (٣).
وعن الصافي بعد ذكر الآية : أي لا يشركون به (٤).
ويساعد ذلك ورودها في مقابلة المشركين ، ويعاضده نظائرها من الآيات القرآنيّة ، كقوله تعالى : ( فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ )(٥) وقوله تعالى : ( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ )(٦)(٧) وقوله عزّ من قائل : ( قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي* فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ )(٨) فإنّ ملاحظة مساقها يكفي عن الاستدلال في إرادة التوحيد منها.
وكيف كان ، فالآية مفادها نفي الشرك ، فهي مشتملة على أمّ المسائل الإلهية
__________________
(١) عطف على قوله : « فبأنّه إن اريد من حصر المأمور به » في الصفحة ...
(٢ و ٣) مجمع البيان ٥ : ٥٢٣.
(٤) تفسير الصافي ٥ : ٣٥٤.
(٥) الزمر : ٢.
(٦) الزمر : ٣.
(٧) لم ترد « وقوله تعالى : i أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ » E في ( ط ).
(٨) الزمر : ١٤ و ١٥.