فان قلت : لا ريب في استحقاق المدح لمن ارتكب المقدّمات وإن لم يات بالواجب ، وذلك يكشف عن خلاف ما ذكرته.
قلت : نعم ، ولكنّه لا يجديك شيئا ، إذ العقلاء يحاولون بمدحهم الآتي بالمقدّمة الكشف عن حسن سريرته وعدم كدورة طينته ، وأين ذلك من استحقاق الثواب على فعل المقدّمة؟ وذلك نظير ما نبّهناك عليه في الانقياد والتجرّي (١).
فإن قلت : قد ذكر بعض المتكلّمين (٢) : أنّ كلّ فعل قصد به الإطاعة ففاعله يستحقّ الثواب عليه ، والمقدّمة لا تنقص عن أحد الأفعال المباحة ، فإذا فرض ترتّب الثواب عليها فترتّبه عليها بطريق أولى.
قلت : إن اريد بذلك من حيث دخول المباح تحت عنوان المطلوب نفسا فهو مسلّم ولكنّه غير مفيد إذ لا إشكال في ترتّب الثواب على المطلوبات النفسيّة ، فالمضاجعة مثلا تصير مطلوبة نفسيّة (٣) لو وقعت على وجه قضاء حاجة الزوجة المؤمنة ، إلى غير ذلك من العناوين المطلوبة. وإن اريد بذلك ولو مع قطع النظر عن اندراجه تحت عنوان مطلوب فغير سديد ، ضرورة عدم تحقّق الإطاعة إلاّ بعد تحقّق الأمر والإرادة ، وعند عدمه ـ كما هو المفروض ـ لا سبيل إلى التزام وجود الإطاعة وصدقها.
والعجب من بعض المحقّقين! حيث إنّه جنح إلى إثبات الثواب بمثل ما ذكرناه في السؤال.
وممّا ذكرنا تقدر على استخراج مواضع النظر فيما أفاده بعض الأجلّة ، حيث إنّه ردّد في المقام بين أن يكون المراد بالثواب هو الاجرة أو المدح ، فقال : إن أرادوا
__________________
(١) راجع فرائد الاصول ١ : ٣٩.
(٢) تقدّم كلامهم في الصفحة ٣٠٠.
(٣) في ( ع ) : مطلوبا نفسيّا.