الصلاة في لحوق الطلب الإيجابي بهما ، غاية الأمر أنّ الداعي إلى إيجاب الواجب الغيري هو التوصّل به إلى الغير ، والداعي إلى إيجاب الصلاة هو وجوب نفس الصلاة ، ولا دليل على لزوم قصد دواعي الأمر في الامتثال.
إلاّ أنّ الإنصاف : أنّ ذلك فاسد ؛ إذ بعد ما عرفت من تخصيص النزاع بما إذا اريد الامتثال بالمقدّمة نقول : لا إشكال في لزوم قصد عنوان الواجب فيما إذا اريد الامتثال بالواجب وإن لم يجب الامتثال ، ولا ريب في عدم تعلّق القصد بعنوان الواجب فيما إذا لم يكن الآتي بالواجب الغيري قاصدا للإتيان بذلك الغير ، فلا يتحقّق الامتثال بالواجب الغيري إذا لم يكن قاصدا للإتيان بذلك ، وهو المطلوب.
أمّا الأوّل ، فقد عرفت فيما تقدّم أنّ الامتثال لا نعني به إلاّ أن يكون الداعي إلى إيجاد الفعل هو الأمر ، ويمتنع دعاء الأمر إلى عنوان آخر غير ما تعلّق به الأمر ، لعدم الارتباط بينهما ، فلو كان الداعي هو الأمر يجب قصد المأمور به بعنوانه.
وأمّا الثاني ، فلأنّ الحاكم بالوجوب الغيري ليس إلاّ العقل ، وليس الملحوظ عنده في عنوان حكمه بالوجوب إلاّ عنوان المقدميّة والموقوف عليه ، وهذه الجهة لا تلحق ذات المقدّمة إلاّ بملاحظة ذيها ، ضرورة كونها من العناوين الملحوظة باعتبار الغير ، فالإتيان بشيء على جهة المقدميّة للغير يمتنع انفكاكه عن قصد الغير ، وإلاّ لم يكن الداعي هو الأمر اللازم من أمر الغير.
وبعبارة اخرى : أنّ ذات المقدّمة معنونة بعنوانات كثيرة ، منها المقدميّة ، وهذا هو عنوان وجوبها الغيري ، فلا بدّ عند إرادة الامتثال بالمقدّمة من قصد هذا العنوان ، لما قرّر فيما تقدّم. وقصد عنوان المقدّمة (١) على وجه يكون الداعي إلى إيجاده ملاحظة المنفعة في هذا العنوان لا يعقل بدون قصد الغير ، إذ لا يعقل القصد
__________________
(١) في ( ع ) : المقدّميّة.