إلى شيء يترتّب عليه فائدة لأجل تلك الفائدة بدون أن يكون تلك الفائدة مقصودة ، لكونه تناقضا.
ولعلّ ذلك هو مراد كلّ من حكم بوجوب قصد الاستباحة في الوضوء ، إذ لا يظهر من الاستدلال بالآية الشريفة ( إِذا قُمْتُمْ )(١) الآية ... إلاّ الإتيان بالوضوء لأجل الصلاة (٢) ، ولا يظهر (٣) منها الدلالة على قصد الاستباحة مع عدم إرادة الصلاة ، كما لا يخفى. وأمّا اشتراط رفع الحدث ، فمرجعه أيضا إلى ذلك لو لم نقل بأنّ الحدث هي الحالة المانعة عن الدخول فيما يشترط بالطهارة. وأمّا إذا قلنا بأنّها من الامور الانتزاعيّة عن الأحكام التكليفيّة فرجوعه إلى ذلك ظاهر.
ومن هنا يظهر أنّ نسبة القول الثاني إلى المشهور لعلّها في غير محلّها ، فتأمّل.
وكيف كان ، فالظاهر اشتراط وقوع المقدّمة على صفة الوجوب والمطلوبيّة بقصد الغير المترتّب عليها ، لما عرفت. ويكشف عن ذلك ملاحظة الأوامر العرفيّة المعمولة عند الموالي والعبيد ، فإنّ الموالي إذا أمروا عبيدهم بشراء اللحم الموقوف على الثمن ، فحصّل العبد الثمن لا لأجل اللحم ، لم يكن ممتثلا للأمر الغيري قطعا ، وإن كان بعد ما بدا له الامتثال مجزيا ، لأنّ الغرض منه التوصّل.
ولمّا كان المقدّمة العباديّة ليست حالتها مثل تلك المقدّمات في الاكتفاء بذات المقدّمة عنها ، وجب إعادتها كما في غيرها من العبادات ، فلا يكاد يظهر الثمرة في هذا النزاع في المقدّمات الغير العباديّة ـ كغسل الثوب ونحوه ـ ضرورة حصول ذات الواجب وإن لم يحصل فيه الامتثال على وجه حصوله في الواجبات الغيريّة.
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) في ( ط ) زيادة : إلاّ ذلك.
(٣) في ( ع ) : فلا يظهر.