والإعانة ونحوهما ، ولا شكّ في أنّ القصد إذا كان محصّلا لعنوان الحسن أو القبح ـ كما في المقام ـ ممّا يختلف باختلاف الماهيّة كما يشاهد بالوجدان ، فلا وجه للقول بالاختلاف بالقصد فيما نحن فيه ، إذ لا شاهد عليه من الوجدان ـ كما يلاحظ في الدخول في الدار المغصوبة ـ ولا من غيره من الأدلّة ، إذ المستفاد منها اتّحاد الحقيقة ، فلا وجه للقول بالصحّة.
نعم ، عندنا وجه وجيه يصحّ التعويل عليه في تصحيح المذهب المشهور ، وهو الفرق بين طريان الوجوب على الاستحباب وبين طريان ما يخالفه جنسا وفصلا ، إذ لا ميز للطلب الوجوبي عن الطلب الاستحبابي إلاّ بما هو ليس خارجا عن حقيقة الطلب ، كما في أمثاله من الأعراض التي يختلف أفرادها باختلاف مراتبها شدّة وضعفا ، فطريان مرتبة شديدة من السواد على المرتبة الضعيفة إنّما يوجب ارتفاع النقص في الضعيف الذي لا مدخل لذلك النقص في حقيقة السواد ، ولا يوجب ارتفاع ما هو المناط في حمل السواد عليها ، بل يؤكّده.
ولا أقول : إنّ الطلب الاستحبابي باق على أنحاء خصوصيّاته ، كيف! وخلافه مشاهد بالوجدان عند عروض حالة طلبيّة أكيدة وحدوث إرادة آمريّة شديدة ، بل أقول : إنّ الطلب المتخصّص بتلك الخصوصيّة الضعيفة بعد حدوث ما يقضي بالمرتبة الشديدة ينقلب إليها ، فما هو المناط في الاستحباب باق ، فيصحّ القصد إليه ، وبه يحصل الامتثال ، ويتفرّع عليه جواز الدخول في سائر الغايات المشروطة بالطهارة. وعلى قياسه نقول في غسل الجنابة بالنسبة إلى ما يترتّب عليه من الغايات. وأمّا غيرها فالكلام فيه موكول إلى محلّه ، فكن على بصيرة. وهو الهادي إلى سواء السبيل.