هذا إن لوحظ التقييد بالنسبة إلى مطلوبيّة الواجب الغيري. وإن لوحظ التقييد بالنسبة إلى ذات المقدّمة كأن يقال : إنّ الوضوء المقيّد بترتّب فعل الصلاة عليه مقدّمة لها لا الوضوء المطلق ، ففساده أوضح من أن يحتاج إلى البيان ، فإنّ مقدّمة الكون على السطح ليس الصعود المقيّد بالكون ، بل نفس الصعود ، ولا نعقل للتقييد بالكون مدخلا في مقدميّة الصعود له. نعم ، بعد ترتّب الكون على الصعود يعرض التقييد المذكور له ، وأين ذلك من اعتبار التقييد فيما هو مناط توقّفه عليه؟
والحاصل : أنّه إن أراد من قوله : « المطلوب فيه المقيّد » أنّ الوجه في مطلوبيّة الواجب الغيري هو الغير فهو حقّ لا محيص عنه ، إلاّ أنّه بمراحل عن هذه المقالة. وإن أراد بذلك أنّ المطلوبيّة في الواجب الغيري مقيّدة أو ذات الواجب الغيري كونها مقدّمة مقيّدة بالغير ، فقد عرفت فسادهما ، ضرورة أنّ الجهة التعليليّة لا تورث تقييدا وأنّ عروض التقييد إنّما هو بملاحظة الترتّب ، لا أنّ التقييد به مقدّم عليه ويكون ممّا يتوقّف عليه الواجب ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّ ما أورده قبل ذلك بقوله : « لأنّ مطلوبيّة شيء للغير يقتضي مطلوبيّة ما يترتّب ذلك الغير عليه دون غيره » (١) ممّا لم يظهر لنا وجه اختصاصه بالمقام.
وأمّا ما أفاده ثانيا (٢) من قوله : « فالتوصّل بها إلى الواجب من قبيل شرط الوجود لا من قبيل شرط الوجوب » (٣) فهو بظاهره فاسد ، لأنّه إن أراد من « شرط الوجود » كونه شرطا له مع قطع النظر عن الوجوب ـ كأن يكون شرطا لذات الواجب الغيري ـ فهو دور ظاهر. وإن أراد من كونه شرطا له بملاحظة الوجوب ، فيرجع الأمر إلى شرط الوجوب ، وقد اعترف بكونه متّضح الفساد.
__________________
(١) الفصول : ٨١.
(٢) في ( ط ) زيادة : « في بيان مراده ».
(٣) الفصول : ٨٦.