وممّا ذكرنا يظهر أنّه لا وجه لما عسى أن يتخيل : من أنّ وجوب إنقاذ ولد المولى وإن لم يكن معلوما للعبد ـ على وجه الأمر اللفظي أو الإرادة النفسية ـ من الوجوب التبعي (١) ؛ لما عرفت : من أن المصلحة الداعية إلى الطلب عند الالتفات سواء كان المظهر له لفظا أو غيره مصلحة نفسية ، مع اختصاص الوجوب التبعي بالوجوب الغيري. فإذن ينحصر الوجوب التبعي بالوجوب المقدمي حال عدم الالتفات إلى المقدمة ، وأمّا مع الالتفات وتعلّق إرادة مستقلّة بالمقدمة فلا يكون طلبه إلاّ أصليّا ، كما في قولك : ادخل السوق واشتر اللحم ، فإنّ تعلّق الإرادة المستقلّة بدخول السوق إنّما ينافي التبعيّة ، على ما عرفت.
ومن هنا ينقدح لك : أنّ النسبة بين الوجوب الغيري والوجوب التبعي عموم مطلق ؛ فإنّ الوجوب الغيري أعمّ ، لتحقّقه فيما إذا كان مدلولا لخطاب مستقلّ فيما إذا كان المظهر لفظا أو مفهوما من إجماع خاصّ مثلا أو غير ذلك ممّا يعلم منه تعلّق إرادة مستقلّة بالواجب الغيري.
لا يقال : إنّ وجوب اللوازم تبعي مع أنّه ليس غيريّا ، فيكون بينهما عموم من وجه. لأنّه يقال : إنّ وجوب اللوازم وجوب عرضي من قبيل الإسناد المجازي ولا كلام فيه.
كما أنّ النسبة بين الأصلي والنفسي والغيري عموم من وجه ، كما يظهر بأدنى تأمّل.
هذا ما هو الموافق لكلمات أرباب الاصطلاح في موارد استعمالات الوجوب التبعي ، كما أومأنا إليه في الدلالة التبعيّة.
__________________
(١) في ( ع ) و ( م ) زيادة : بل.