واحدة وحقيقة متّحدة خارجيّة ، واخرى تكون اعتباريّة كما في البيت والسرير. فعلى الأوّل يكون الكثرة اللازمة للمركّب كثرة في مرتبة (١) من الاعتبار والتعمّل. وعلى الثاني يكون الكثرة حقيقية ، والأجزاء في المركّب الحقيقي ظاهر اتّحادها في الوجود الحقيقي ، وفي المركّب الاعتباري إنّما تتّحد مع الكلّ في الوجود الاعتباري الثابت للمركّب من حيث هو مركّب. وذلك ظاهر عند المتأمّل المنصف.
وكيف ما كان ، فالمقدّمة إمّا أن تكون متّحدة الوجود مع ذيها أو لا ، وعلى التقديرين ، فإن أراد القائل بالثمرة المذكورة أنّ ذلك يجدي في الحكم بالصحّة والفساد ، فلا وجه لما تخيّله. أمّا في صورة الاتّحاد ، فلما عرفت من إمكان الحكم بالفساد ولو على القول بعدم وجوب المقدّمة كما هو قضيّة الاتّحاد. وأمّا في صورة التغاير ، فعند الانحصار فهي حرام قطعا ولا وجوب فيها ، ومع ذلك لا تؤثّر في الفساد ، بل الواجب حاصل بعد حصوله ، لكونها موصلة إلى ما هو المقصود حقيقة ، كما في الركوب على دابّة مغصوبة في الحجّ. وعند التعدّد فغاية الأمر هو الوجوب في الجملة أيضا ، إلاّ أنّ ذلك لا تأثير له في الفساد أيضا ، كما هو ظاهر. وإن أراد بذلك مجرّد ثبوت مورد قد اجتمع فيه الأمر والنهي وإن لم يكن لذلك مدخل في الصحّة والفساد فهو في محلّه ، إلاّ أنّه بعيد عن مقاصد العلماء ، إذ غاية ذلك تكثير الأمثلة التي اجتمع فيها الأمر والنهي.
الخامس : ما قيل : من أنّ القول بوجوب المقدّمة يؤثّر في صحّتها إذا كانت عبادة ، كما أنّ القول بعدم الوجوب يقضي بفسادها حينئذ (٢).
ولعلّ وجهه ما قد يتخيّل : من أنّ صحّة العبادة متوقّفة على الأمر ، والقول بالوجوب يوجب تعلّق الأمر بها فيمكن وقوعها صحيحة ، بخلاف ما إذا لم تكن
__________________
(١) في ( ع ) بدل « مرتبة » : ماهيّته.
(٢) هداية المسترشدين ٢ : ١٧٨ ـ ١٧٩ ، والفصول : ٨٧.