أو لا ، على ما نبّهنا عليه سابقا. مع أنّ ثمرة الكلام في أوامره تعالى ، ومن المعلوم انتفاء الاحتمال في حقّه تعالى وإن كان عنوان البحث يعمّه وغيره أيضا ، كما في سائر المباحث الاصوليّة. فما يمكن أن يكون ربطا بين المقدّمة وذيها من حيث الطلب هو ما ذكرناه وإن اختلفت شئونه وأطواره في الإجمال والتفصيل ، فتارة يتقمّص قميص الوجود الأصلي التفصيلي ويظهر في مظاهر الطلب والأمر من الامور التي يكشف عنه ، وأخرى يتجلّى (١) بكسوة الوجود التبعي الإجمالي ، وهو في هذه الحالة ممّا لا يعقل أن يكون له عبارة مستقلّة.
ولعلّ ما ذكرنا هو مراد من ادّعى الضرورة في ذلك ، كما نقل عن المحقّق الدواني (٢) ، وإلاّ فالظاهر أن ليس المراد بها ضرورة الدين على نحو ما يدّعى في أمثال المقام. ومع ذلك فلعلّ الحكم بالوجوب ليس بهذه المكانة (٣) من الظهور ، كما نبّهنا عليه فيما تقدّم (٤).
ولا أقول : إنّ الحكم بثبوت الملازمة يحتاج إلى وسط في التصديق ، كيف! وقد قلنا بشهادة الوجدان بذلك ، ومن المعلوم أنّ الوجدانيّات من القضايا الضروريّة ، بل المقصود أنّ الحكم بذلك ليس على وجه يعدّ منكره مكابرا لاحتمال تطرّق الشبهة فيه كثيرا ، بخلاف غيره ، ضرورة اختلاف مراتب المعلومات شدّة وضعفا وإن كانت من الوجدانيّات. وهذا هو المراد ممّا قرع سمعك فيما تقدّم أنّ الحكم المذكور من الأحكام النظريّة. فتدبّر.
__________________
(١) في ( م ) : يتحلّى.
(٢) نقله المحقّق النراقي في مناهج الأحكام : ٤٩.
(٣) في ( ع ) و ( م ) : المثابة.
(٤) تقدم في الصفحة : ٣٥٢.