فهو باطل ، لأنّ عدم الشيء ربما (١) يحصل لعدم علّته التامّة ، فوجود الزنا إذا كان علّته التامّة مجموعة يكون أحد أجزائها عدم المانع الذي هو الصلاة ، فعدمه إنّما يحصل بعدم ذلك المجموع ، وعدم المركّب إنّما يحصل بعدم أحد أجزائه ، ولا يتوقّف على خصوص عدم المانع ـ أي وجود الصلاة ـ وإن أراد به أنّه إذا فرض أنّ جميع أجزاء العلّة (٢) للزنا حاصل سوى عدم الصلاة ، فحينئذ عدم الزنا موقوف على وجود الصلاة ووجودها موقوف على عدم الزنا ، فيلزم الدور. ففيه : أنّه يجوز أن يكون هذا الفرض محالا وامتناع صلاحيّة علّية الشيء على تقدير محال ممنوع ، انتهى (٣).
وذلك وإن كان دفعا للدور ، إلاّ أنّه التزام بعدم التوقّف من الطرفين ؛ لأنّ توقّف فعل الضدّ على ترك الآخر إنّما جاء من جهة كون الضدّ مانعا وعلّة لعدم الآخر ، وهو فرع إمكان وجود أحدهما مع تمام مقتضى الآخر ؛ إذ لو لا ذلك لم يكن العدم مستندا إلى وجود المانع بل إلى فقد المقتضي ، وبعد أن جوّز استحالة وجود أحدهما مع مقتضي الآخر ، فمن أين يحكم بتوقّف فعل أحدهما على ترك الآخر؟ لاحتمال أن يكون ما هو منشأ لانتزاع العلّية لوجود أحدهما موردا لانتزاع العلّية لعدم الآخر بعينه من غير توقّف ، بل على تقدير الاستحالة يتعيّن ذلك ، كما هو ظاهر.
وقد يجاب عن محذور الدور أيضا : بأنّ دعوى دوام التوقّف في جانب الفعل على الترك مسلّمة ، لكن دوامه في جانب توقّف الترك على الفعل غير مسلّم ، بل قطعيّ العدم ، كما عرفت في كلام المحقّق المذكور.
فإن قلت : يكفي في الدور توقّف الترك على الفعل ولو في مورد واحد.
__________________
(١) في المصدر بدل « ربما » : إنّما.
(٢) في المصدر : العلّة التامّة.
(٣) رسالة مقدّمة الواجب المطبوعة ضمن « الرسائل » : ١٤٩.