قال : وعلى هذا لا يلزم على المجيب دور إن حمل كلامه على ظاهره أيضا.
قال : وبالجملة ، الحكم بمانعيّة (١) الأضداد ممّا لا مجال لإنكاره وفي كلام الشيخ الرئيس أيضا التصريح بمانعيّتها (٢) ، كيف! وأيّ شيء أولى بالمانعيّة من الضدّ؟ فلا وجه للإيراد على المجيب بأنّه جعل الضدّ مانعا. نعم ، لو قيل : إنّ عدم المانع مطلقا ليس موقوفا عليه ، بل هو من المقارنات للعلّة التامّة ـ كما ذهب إليه بعض ـ لم يكن بعيدا ، لكن هذا بحث لا اختصاص له بالمجيب وبمقامنا هذا (٣) ، انتهى كلامه.
قلت : وجه ارتفاع الدور بما ذكره من التفصيل ، هو : أنّه إذا فرضنا اشتغال المحلّ بوجود أحد الأضداد كالسواد ـ مثلا ـ كان وجود الآخر كالبياض موقوفا على ارتفاع الموجود ، لمكان التضادّ. وأمّا وجود السواد في ذلك المحلّ لم يكن موقوفا على عدم البياض ، لأنّ هذا العدم سابق على علّة السواد ومقارن معها ، فلا توقّف من الطرف الآخر ، فلا دور.
والفرق بينه وبين الجواب الأوّل ظاهر ؛ حيث إنّ مدار الأوّل على تسليم توقّف وجود السواد على عدم البياض ، إلاّ أنّ عدم البياض ـ مثلا ـ لا يستند إلى وجود المانع في المقام. ومدار الجواب الثاني على عدم تسليم التوقّف في صورة عدم اشتغال المحلّ به ، لما عرفت من استواء نسبة الأضداد إليه.
هذا خير (٤) ما قيل ويقال في هذا المجال ، ومع ذلك فلا يخلو عن النظر.
__________________
(١) في المصدر : بتمانع.
(٢) في المصدر : بتمانعها.
(٣) رسالة مقدمة الواجب المطبوعة ضمن « الرسائل » : ١٥٠ ـ ١٥١.
(٤) في ( ع ) و ( م ) بدل « خير » : حاصل.