أمّا أوّلا : فلأنّ الفرق بين حالة وجود الضدّ وحالة عدمه والتزام التوقّف في الأوّل دون الثاني ممّا لا سبيل إليه ، إذ غاية ما هناك أن يكون الموقوف عليه حاصلا في الثاني ، ولا معنى لمنع التوقّف في المقدّمات الحاصلة.
وأمّا ثانيا : فلأنّ الالتزام بالتوقّف فيما إذا كان الضدّ موجودا خلاف التحقيق ، كما عرفت في تقريب ما أفاده أوّلا من إمكان استحالة الفرض. وتوضيحه : أنّ رفع الضدّ الموجود إنّما يجوز أن يكون مقدّمة لمجيء الضدّ المعدوم إذا كان وجود الضدّ مانعا عنه ليكون العدم مستندا إلى وجود المانع ، وهو فرع وجود تمام أجزاء علّة وجود المعدوم ، وإلاّ كان استناد العدم إلى عدم المقتضي ، فإنّه أسبق في المعدوميّة.
وأمّا ثالثا : فلأنّ ما ذكره لو تمّ فهو إنّما يتمّ في الأضداد التي هي من قبيل الأحوال والصفات. وأمّا في الأفعال الاختياريّة التي هي من (١) مقولة الحركة التي يتدرّج وجودها وينقضي شيئا فشيئا فلا يعقل ذلك ، فإنّ الحركة في كل آن غير الحركة في الآن الأوّل ، فإذا حصل مقتضى السكون يرتفع الحركة ويكونان من باب معلولي علّة واحدة ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّ ما ذكرنا في المقام من عدم التوقّف والاستناد وإن كان بعد حكومة الإنصاف والاجتناب عن الاعتساف أمرا معلوما ، إلاّ أنّه ربما يمنع منه مانع فيقول : إنّ الشك في ثبوت التوقّف يكفي في المقام.
بيان ذلك : أنّ المقصود من إثبات التوقّف ونفيه هو إثبات تحريم الضدّ وبطلانه وعدمهما ، فعلى القول بالتوقّف والمقدّمية يكون ترك الضدّ واجبا فيكون فعله حراما فيكون فاسدا ، وعلى القول بعدم التوقّف لا يتوجّه إليه النهي الحاصل
__________________
(١) في ( ط ) بدل « هي من » : ينتهي إلى.