وحينئذ فعلى تقدير كون ترك الضدّ مقدّمة لفعل الآخر يكون هذه المسألة فردا من أفراد المسألة السابقة وشعبة من شعبها. لكن لمّا كان ظاهر عناوينهم في المسألة السابقة اختصاص البحث بالمقدّمات الوجوديّة انفردت هذه المسألة منها في الذكر والعنوان ؛ مضافا إلى ما في مقدّميّة ترك الضدّ في البحث والنظر المقتضي لعقد باب مستقلّ (١).
فإذن لا بأس في تحقيق هذا المقام ـ يعني كون ترك الضدّ مقدّمة لفعل الآخر أم لا ـ ثمّ الخوض في أصل المرام.
فنقول ـ وبالله الاستعانة وعليه الاعتماد ـ : قد اختلف العلماء في توقّف فعل الضدّ على ترك الآخر وبالعكس على أقوال :
فعن البهائي والكاظمي وسلطان العلماء : نفي التوقّف مطلقا (٢) ، وبه قال السبزواري فيما حكي عنه في الرسالة المعمولة ، وسنذكر عبارتها (٣).
وذهب الحاجبي والعضدي إلى : التوقّف من الطرفين ، حيث إنّهما ذكرا شبهة الكعبي الآتية ـ إن شاء الله ـ وأجابا عنها بمنع وجوب المقدّمة (٤). وهذا اعتراف صريح بكون فعل أحد الأضداد مقدّمة لترك الضدّ الآخر المحرّم. ثمّ لما جاءا في بحث اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه أجابا عن الدليل المعروف الذي يأتي ذكره ـ إن شاء الله ـ بمنع وجوب المقدّمة. وهذا أيضا اعتراف بأنّ ترك أحد الضدّين مقدّمة للآخر.
__________________
(١) في ( ع ) و ( م ) زيادة : عليها.
(٢) حكاه عنهم المحقّق الكلباسي في إشارات الاصول : ٧٨ ، وانظر زبدة الاصول : ٨٢ ، والوافي في شرح الوافية : ٢٦٤ ، وحاشية سلطان العلماء على المعالم : ٢٨٢ ـ ٢٨٣.
(٣) انظر الصفحة ٥١٩.
(٤) راجع شرح مختصر الاصول : ٢٠٢ ـ ٢٠٣.