والمشهور بين المتأخّرين (١) من أصحابنا ـ على ما قيل (٢) ـ والمتأخّرين منهم ـ كصاحب القوانين (٣) والفصول (٤) وأخيه في حاشيته على المعالم (٥) ـ : إثبات التوقّف من طرف الوجود دون العدم ، فقالوا بكون الترك مقدّمة للفعل دون العكس ؛ حذرا من شبهة الكعبي المبنيّة على توقّف الترك على الفعل. فالمذاهب مع مذهب الكعبي القائل بكون الفعل مقدّمة للترك أربعة.
ويلوح من استاذ الكلّ المحقّق الخوانساري تفصيل آخر ، وهو : توقّف وجود الضدّ المعدوم على رفع الضدّ الموجود ، وعدم توقّف رفعه على وجود الآخر (٦).
حجّة الأوّلين يظهر من جواب حجّة المشهور. وحجّتهم على كون ترك الضدّ مقدّمة للفعل : أنّ اجتماع كلّ منهما مع الآخر محال للمضادّة ، فيكون وجود كلّ منهما مانعا من حصول الآخر ، وعدم المانع من جملة المقدّمات.
واورد عليه بوجوه :
منها : دعوى المقارنة الاتّفاقية بين وجود أحد الضدّين وعدم الآخر من دون توقّف الوجود على العدم ، بمنع كون وجود كلّ منهما مانعا من وجود الآخر ؛ لأنّ مجرّد استحالة اجتماع الضدّ مع الضدّ الآخر لا يقتضي كونه مانعا منه ليكون عدمه مقدّمة لفعله ، إذ الامور اللازمة للموانع ممّا يستحيل اجتماعها مع الممنوع ، مع أنّ وجودها ليس من الموانع ولا عدمها من المقدّمات.
__________________
(١) كذا ، والظاهر : المتقدّمين.
(٢) لم نعثر عليه.
(٣) القوانين ١ : ١٠٨.
(٤) الفصول : ٩٦.
(٥) هداية المسترشدين ٢ : ٢٠٠ و ٢٢٣ وما بعدها.
(٦) سيأتي كلامه في الصفحة ٥١٩ ـ ٥٢٠.