ومنها : أنّ من المعلوم بالوجدان أنّه إذا حصل إرادة المأمور به وانتفى الصارف عنه حصل هناك أمران : فعل المأمور به وترك ضدّه ، فيكونان إذا معلولي علّة واحدة ، فلا وجه لجعل ترك الضدّ من مقدّمات فعل الآخر. وذلك مثل السبب الباعث على حصول أحد النقيضين ، فإنّه هو الباعث على رفع الآخر من غير ترتيب وتوقّف بينهما جدّا.
ومنها : أنّه لو كان ترك الضدّ مقدّمة لفعل ضدّه لزم الدور ؛ فإنّ مقدّميّة الترك للفعل مبنيّة على كون وجود أحدهما مانعا عن وجود الآخر ـ كما تقرّر في تقرير الحجّة ـ والتزام المانعيّة من طرف يقتضي المانعيّة من الطرفين ، لاستواء النسبة في المضادّة. فكما أنّ ترك المانع من مقدّمات حصول الفعل ، فكذا وجود المانع سبب لارتفاع الفعل ، فيكون فعل الضدّ مثلا موقوفا على ترك الضدّ توقّف الشيء على عدم مانعة ، وترك الضدّ موقوفا على فعل ضدّه لكونه سببا لذلك الترك. وتوقّف المسبّب على سببه أولى من توقّف الشيء على عدم المانع الذي هو الشرط.
ومنها : أنّه لو كان كذلك لزم صحّة قول الكعبي بانتفاء المباح على القول بوجوب جميع المقدّمات ـ كما هو المشهور المنصور ـ والملازمة قد اتّضحت من بيان الملازمة المتقدّمة ، إذ على تقدير كون فعل الضدّ من مقدّمات ترك الآخر يكون فعل المباحات لترك الأضداد المحرّمة واجبا.
وهذه الإيرادات الأربعة قد ذكرها الشيخ في حاشيته على المعالم (١) ، وتصدّى لجواب بعضها بما يرجع إلى كلام المحقّق الخوانساري في جواب كلام السبزواري. والوجهان الأخيران جوابان عن الدليل المزبور على سبيل النقض الإجمالي ،
__________________
(١) هداية المسترشدين ٢ : ٢٢٣ وما بعدها.