وهما دليلان على القول بعدم التوقّف. كما أنّ الوجهين الأوّلين أوّلهما منع لدعوى التمانع ، وثانيهما ادّعاء قضاء الوجدان بعدم التوقّف ، فهو حينئذ دليل أيضا على عدم التوقّف.
ومنها : ما ذكره السبزواري في الرسالة المعمولة في البحث عن وجوب المقدّمة ، حيث استدلّ النافي على عدم وجوبها : بأنّها لو وجبت لزم صحّة قول الكعبي لعين ما ذكر آنفا. وأجاب عنها بما أجاب. وقال في جملة كلامه ما لفظه هذا : ثمّ في جعل الأضداد مانعا من حصول الحرام (١) نظر ، إذا لو كان كذلك كانت المانعيّة من الطرفين لاستواء النسبة ، فإذا كانت الصلاة مثلا مانعة من الزنا كان الزنا أيضا مانعا منها ، وحينئذ كان الزنا موقوفا على عدم الصلاة فيكون وجود الصلاة علّة لعدم الزنا ، والحال أنّ عدم الزنا علّة لوجود الصلاة ؛ لأنّ رفع الموانع علّة لوجوده ، فيلزم أن يكون العلّية من الطرفين ، وهذا خلف (٢) انتهى.
وهذا الإيراد على مانعيّة الضدّ قريب من الدور المزبور ، إلاّ أنّ المأخوذ في هذا الإيراد كون عدم المانع أيضا علّة وأنّ جهة التوقّف في الطرفين هو العلّية ، والمأخوذ في تقرير الدور : أنّ عدم المانع شرط وأنّ جهة التوقّف في أحد الطرفين على نحو الاشتراط كما في توقّف فعل الضدّ على ترك الآخر ، وفي الطرف الآخر على جهة العلّية كما في توقّف تركه على فعل الآخر توقّف الشيء على علّته وسببه.
وأجاب عنه المحقّق الخوانساري بقوله : وأمّا ثانيا ؛ فلأنّ قوله : « فيكون وجود الصلاة علّة لعدم الزنا » إن أراد أنّه يتوقّف عليه ولا يحصل بدونه فهو باطل ، لأنّ عدم الشيء إنّما يحصل بعدم علّته التامّة ، فوجود الزنا إذا كان علّته التامّة
__________________
(١) في ( ع ) و ( م ) : المرام.
(٢) رسالة مقدّمة الواجب المطبوعة ضمن « الرسائل » : ٥٩ ـ ٦١.