حجّة القول بالعينيّة في الضدّ العام
كصاحب الفصول (١) : أنّ معنى النهي عن الترك الذي هو الضدّ العامّ طلب ترك الترك ؛ لأنّ معنى النهي طلب الترك ، وطلب ترك الترك عين طلب الفعل في المعنى. وذلك ظاهر.
وفيه : أنّه إن اريد بالعينيّة اتّحاد مفهوميهما فهذا كذب واضح ، بل القائل المزبور قد صرّح أيضا بخلافه (٢) ، وكيف لا! وليسا من الألفاظ المترادفة جدّا.
وإن اريد بها الاتّحاد في الصدق الخارجي ـ بمعنى أنّ ما يصدق عليه الفعل في الخارج بعينه يصدق عليه ترك الترك ـ فطلب أحدهما يكون حينئذ عين طلب الآخر.
ففيه : أنّ ذلك بعد التسليم ـ مع أنّ طريق المنع فيه مفتوح نظرا إلى دعوى عدم كون الفعل مصداقا لترك الترك الذي ليس إلاّ مفهوما عدميّا انتزاعيّا من الفعل ـ غير مجد أيضا ؛ لأنّ اتّحاد مصداقهما في الخارج لا يصير سببا لعينيّة طلب أحدهما مع طلب الآخر ، ضرورة أنّ طلب شيء ذي عنوانين بأحدهما يغاير طلبه بالآخر مفهوما ومصداقا ، لأنّ طلبه لكلّ من العنوانين يستدعي تصوّره وتعقّله بذلك العنوان مستقلاّ ، فكيف يكون طلب ذلك الشيء بأحدهما عين مفهوم طلب الآخر أو مصداقه مع الغفلة عن ذلك؟
والحاصل : أنّ الضاحك والكاتب مثلا وإن كانا متصادقين على شيء واحد ، إلاّ أنّ طلب ذلك الشيء بعنوان الكتابة يغاير طلبه بعنوان الضحك مفهوما ومصداقا ، لأنّ تعدّد العنوان يقتضي تعدّد الطلب باعتبار اقتضائه تعدّد الالتفات.
__________________
(١ و ٢) الفصول : ٩٢.