نعم ، إذا التفت الطالب حين طلبه بأحد العنوانين إلى العنوان الآخر وعلم تصادقهما في الخارج استغنى بطلبه على أحد العنوانين عن طلبه بالعنوان الآخر ، ولكنّه ليس من الاتّحاد في شيء. نعم ، إن كان مراد القائل بالعينيّة أنّ طلب الفعل طلب شيء هو عين مصداق ترك الترك فلا بأس به ، إلاّ أنّه لا يفيد ما هو بصدده من العينيّة بالنسبة إلى الكلّيين.
حجّة القول بالتضمّن في الضدّ العامّ
كصاحب المعالم (١) : أنّ الأمر يدلّ على الوجوب ، وماهيّة الوجوب مركّبة من أمرين : أحدهما المنع من الترك والآخر طلب الفعل ، فصيغة الأمر الدالّة على الوجوب دالّة على النهي من الترك بالتضمّن ، وذلك واضح.
واعترض عليه بعض المحشّين على المعالم (٢) : بأنّ المنع من الترك ليس جزءا لماهيّة الوجوب ، بل هو حكم من أحكام المأمور به وخاصّة من خواصّه ، إذ لا نتعقّل من الأمر بالشيء إلاّ الطلب الحتمي الذي هو عبارة عن بلوغ الطلب حدّا لازمه عدم الرضا بالترك واستحقاق التارك العقاب ، من دون أن يكون هناك طلب آخر متعلّق بترك الترك حتّى يكون المنع من الترك داخلا في ماهيّة الوجوب ، بل يكون خارجا عنها ولازما لها ، فيكون دلالة ما يدلّ على الوجوب على منع الترك دلالة التزاميّة دون التضمّنية.
وقد يوجّه ذلك بما مرّ في توجيه القول بنفي الاقتضاء عند تحرير الأقوال : من أنّ الوجوب والاستحباب مرتبتان من الطلب ممتازان بحسب مرتبتهما وأنفسهما ،
__________________
(١) المعالم : ٦٣ ـ ٦٤.
(٢) انظر حاشية سلطان العلماء : ٢٨٢.