على وجه الإطلاق وكان في مقام بيان تمام المراد من مطلوبه كان تمام مراده ومطلوبه هو المطلق ، وإلاّ كان عليه بيان مطلوبه على وجه التقييد ، وهذا أمر لا يكاد يختلف فيه من له دراية بأدنى المطالب النظريّة. فعلى هذا يكون المراد بالصحّة هو تماميّة الأجزاء وعدم اعتبار أمر آخر غير المطلق فيه ، واستكشاف ذلك من الإطلاق ممّا لا يدانيه شائبة الريب.
وإن أراد الصحّة المنتزعة من الماهيّة بعد تعلّق الطلب بها فهو محال أن يكون مأمورا به أو عنوانا له ؛ لأنّه من الامور الاعتباريّة المنتزعة من الفعل بواسطة مطابقته في الخارج لعنوان المأمور به.
وهذه المغالطة نظيرة لما غالط به بعض المحدّثين من أصحابنا (١) في التمسّك بعمومات البيع ـ من قوله : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )(٢) : من أنّ المراد بالعقود هي الصحيحة ، فالتمسّك بالعموم موقوف على العلم بكون العقد صحيحا ، فإذا اريد استكشاف الصحّة من العموم لزم الدور.
ووجه الدفع : ما أشرنا إليه من أنّ العموم كاشف عن الصحّة بالمعنى المذكور ، بل لا سبيل إليها إلاّ به ظاهرا.
فإن قيل : الفاسد خارج عن العموم قطعا ، والفرد المشكوك يحتمل أن يكون فاسدا ويحتمل أن يكون صحيحا ، فلا وجه للتمسّك بالعام عند الشكّ في دخول الفرد في العنوان المخصّص أو في العام ، كما قرّر في محلّه.
قلنا : ليس الفاسد خارجا عن العموم ، بل ليس الخارج إلاّ فاسدا ، وبعبارة ظاهرة : الفساد ليس عنوانا للأفراد الخارجة ، وإنّما هو وصف اعتباريّ منتزع من
__________________
(١) هو المحدّث البحراني في الحدائق ١٨ : ٣٧٤.
(٢) المائدة : ١.