منتزعة من الفعل بعد امتناع اجتماع الأمثال إلاّ تعدّد الواجب ، وهو لا يتمّ بالفرض إلاّ بعدم التداخل. وأمّا الأوامر التأكيديّة فلا يستفاد منها وجوب غير ما أفاده الأمر الأوّل. نعم ، لا بأس باستفادة شدّة الطلب وتأكّده بتكرار الأوامر التأكيديّة. ولا يحسن قياس تعدّد الوجوب بتعدّد الإيجاب الحاصل في التأكيد ، فإنّ الأمر الثاني مرتّب على الأمر الأوّل في التأكيد ووارد في مورده ، بخلاف ما نحن فيه ، ضرورة حصول الوجوب على وجه التعدّد ـ مثل وجود السبب ـ بنفس الكلام الدالّ على السببيّة ، فيكون تلك الوجوبات كلّ واحد منها في عرض الآخر ، فهناك إيجابات متعدّدة في موارد متعدّدة بواسطة الكلام الدالّ على السببيّة ، ويتفرّع عليها وجوبات متعدّدة على وجه التعليق ، وبعد حصول المعلّق عليه ـ وهو وجود السبب ـ يتحقّق الاشتغال فعلا بأفراد مختلفة.
فإن قلت : هب! إنّ الموجود في مثل المقام تكاليف متعدّدة ، ولكنّه نقول بأنّ الإتيان بالفرد الواحد يكفي في الامتثال عنها ، كما يقضي به العرف فيما لو أمر بإعطاء درهم بعالم (١) وإعطاء درهم آخر بهاشميّ ، فلو أنّه أعطى درهما بعالم هاشميّ يعدّ ممتثلا في العرف.
قلنا : وهو ظاهر الفساد بعد اختلاف متعلّق التكاليف المتعدّدة بواسطة الوجودات الخاصّة. وأمّا صدق الامتثال في العالم الهاشمي بواسطة تداخل المفهومين في مصداق واحد واجتماعهما فيه ، ولا يعقل تداخل متعلّق التكاليف في المقام ، فإنّ المفروض هو اختلاف متعلّقاتها بالوجود ، وتداخل الفردين من ماهيّة واحدة غير معقول.
والقول : بأنّ تعدّد الأسباب لو كان كاشفا عن تعدّد المسبّبات ـ كما هو
__________________
(١) كذا ، والمناسب : « لعالم » ، وكذا ما يليه.