المفروض ـ فلم لا يكون كاشفا عن تعدّد ماهيّات المسبّبات حتّى لا يمتنع الاجتماع في فرد ، ولو لم يكن كاشفا فالكلام ساقط.
مدفوع : بأنّه ساقط جدّا ؛ أمّا أوّلا : فلأنّ ذلك يستلزم الخروج عن ظاهر اللفظ الدالّ على المسبّب ، فإنّ ظاهره وحدة الماهيّة ، واختلاف الأسباب ولا سيّما اختلافها بواسطة الأفراد ـ كما هو مقتضى ظاهر اللفظ الدال على السبب ـ لا يقضي باختلاف المسبّب. وأمّا عند اختلافها ماهيّة وإن احتمل اختلاف المسبّب أيضا بحسب الماهيّة لامتناع اتّحاد آثار الماهيّات المختلفة ، إلاّ أنّه يحتمل استناد المسبّب أيضا إلى وحدة جامعة لتلك الأسباب المختلفة ، فلا يدلّ على اختلاف المسبب أيضا.
وثانيا : سلّمنا أنّ اختلاف الأسباب ولو بالفرديّة يوجب اختلاف ماهيّات المسبّبات ، ومع ذلك فلا دليل على الاكتفاء بفرد في مقام الامتثال ، إذ من المعلوم أنّ الفرد الواحد لا بدّ وأن يكون مجمعا للعنوانين حتّى يكتفى به في الامتثال ، وذلك مبنيّ على إمكان اجتماعهما ، ولا دليل عليه. فلعلّ تينك الماهيّتين ممّا لا تتصادقان أبدا ، فيكون بينهما مباينة كلّية.
وبما ذكرنا تعرف الكلام فيما إذا كان السبب لذلك الشيء متعدّدا ، كما إذا قيل : « إذا نمت فتوضّأ » و « إذا بلت فتوضّأ » و « إذا خرج من أحد سبيليك شيء ـ مثلا ـ فتوضّأ » فإنّه لا بدّ من القول : بأنّ السبب الواقعي هو القدر المشترك بين تلك الأسباب المختلفة ، ويكون اختلاف أنواعها بمنزلة اختلاف الأفراد ، ويجب تعدّد المسبّبات بحسب مقتضى اللفظ إلاّ إذا دلّ دليل على التقييد ، كما في خصوص الوضوء ، على ما قرّر في محلّه.
وإذ قد عرفت ما ذكرنا ، يظهر أنّ شيئا من الموارد لا يلزم فيه اجتماع الأمثال ولا اجتماع الأضداد ، فإنّ الحكم فيما سبق محصور بين وجوب الإتيان بأفراد مختلفة ـ وظاهر أنّه لا يقضى بشيء من اللازمين ـ وبين الإتيان بفرد