واحد لعدم وجوب غيره ـ كما في الوضوء ـ وليس فيه اجتماع الأمثال ولا الأضداد ، وبين الإتيان بفرد واجب شديد الوجوب أكيد الطلب ـ كما في قتل زيد ـ من دون اجتماع للوجوبات فيه ، كما لا يخفى. وأمّا اجتماع الوجوب والندب في الوضوء فقد عرفت فيما سبق تحقيق الكلام فيه ، فلا حاجة إلى الإطالة بالإعادة.
المقام الثاني : في خصوص تداخل الأغسال.
وتوضيح الحال فيه على وجه تبيّن حقيقة المقال ، هو أن يقال : إنّ الأصحاب في الأغسال :
بين من ذهب إلى أنّها ليست حقائق مختلفة ، والأثر الحاصل منها ليس إلاّ رفع لحالة واحدة مسمّاة عندهم بالحدث (١) ، مستظهرين ذلك من ظواهر الخطابات الآمرة بالغسل بعد تحقّق أسبابها ، فإنّ الظاهر اتّحاد حقيقة الغسل ـ كالوضوء ـ بعد عدم ما هو يصلح للاختلاف ، فإنّ الأسباب المختلفة لاحتمال اشتراكها في قدر يصحّ استناد المسبّب إليه لا يدلّ على اختلاف المسبّبات ـ كما عرفت ـ وأمّا الأسباب المختلفة فعندهم مثل أسباب الوضوء مقيّدة بما إذا لم يكن أحدها مسبوقا بالآخر.
وبين من ذهب إلى أنّها ماهيّات مختلفة لاختلاف آثارها وأحكامها (٢) ، مثل ارتفاع بعضها وبقاء الآخر ولزوم الوضوء في البعض دون الآخر. واستكشف ذلك أيضا من الروايات الدالّة على إجزاء غسل واحد من الأغسال (٣) ؛ فإنّ
__________________
(١) انظر الحدائق ٢ : ١٩٦ ـ ١٩٨.
(٢) انظر الجواهر ٢ : ١١٧ ـ ١١٩.
(٣) انظر الوسائل ١ : ٥٢٥ ، الباب ٤٣ من أبواب الجنابة.