التعبّدي هي الطبيعة التي يكون الفرد مقدّمة لوجودها. وقد سلك هذا المسلك غير واحد من المجوّزين (١) وأوضحه المحقّق القمّي رحمهالله (٢).
وحيث إنّ ذلك مبنيّ على مقدّمات غير مسلّمة : من عدم وجوب المقدّمة ولا سيّما فيما إذا كان ذوها متّحدا معها في الوجود الخارجي ـ كما نبّهنا على ذلك في محلّه ـ واختلاف الطبيعة والفرد باتّصاف أحدهما بالوجوب التعبّدي والآخر بالوجوب التوصّلي ، وكلّ ذلك ممّا لا محصّل له ؛ لأنّ وجوب المقدّمة ضروريّ بالمعنى المتنازع فيه ، ولا سيّما فيما إذا كانت متّحدة مع ذيها في الوجوب ، على أنّ مقدّمية الفرد للطبيعة ممّا لم نقف لها على محصّل ، فإنّ الفرد على ما هو التحقيق ليس إلاّ عين الطبيعة ، كما ستعرف.
فالأولى أن يوجّه عدم المانع على وجه لا يبتني على هذه المقدّمات ، وهو أن يقال : إنّ الفرد الجامع للعنوانين إنّما هو متّصف بالحرمة العينيّة بناء على اقتضاء النهي استيعاب أفراد الماهيّة المنهيّ عنها ، وليس متّصفا بالوجوب المتضادّ للحرمة بوجه.
وتوضيحه : أنّ الوجوب المتوهّم اتّصاف الفرد به إمّا العيني أو التخييري ، وعلى الثاني إمّا أن يكون شرعيّا أو عقليّا ، والأوّلان ظاهر انتفاؤهما في المقام.
أمّا الأوّل ؛ فلأنّ الوجوب العيني إنّما هو متعلّق بالطبيعة ، وليس الفرد واجبا عينيّا ، وإلاّ لاستلزم إمّا وجوب جميع الأفراد أو عدم حصول الإجزاء بفرد آخر ، والتالي بقسميه باطل ، ضرورة عدم وجوبها وحصول الإجزاء بجميعها. والملازمة ظاهرة جدّا.
لا يقال : إنّ ثبوت حكم للماهيّة يستلزم سراية ذلك الحكم إلى الأفراد
__________________
(١) منهم الكلباسي في الإشارات : ١١٠.
(٢) انظر القوانين ١ : ١٤١.