كما في الأوصاف اللاحقة للماهيّة باعتبار وجودها الخارجي ، كالبياض والسواد والحلاوة والمرارة والبرودة والحرارة ونحوها.
لأنّا نقول : إنّ اتصاف الطبيعة بالوجوب العيني ليس من قبيل اتّصافها بأوصافها القائمة بها باعتبار وجودها في الخارج ، وإلاّ لاستلزم أحد المحذورين : من اتّصاف الجميع بالوجوب العيني وعدم الإجزاء.
وأمّا الثاني ـ وهو عدم اتّصاف الفرد بالوجوب التخييري الشرعي ـ فهو من الامور الواضحة التي لا يليق توهّم خلافه لأحد.
وأمّا الأخير ـ وهو الوجوب التخييري العقلي ـ فبيان عدم اتّصاف الفرد به يحتاج إلى تمهيد مقدّمة ، وهي : أنّ التخيير العقلي ليس من الأحكام التكليفيّة العقليّة ، بل التحقيق أنّ مرجعه إلى إذن وضعيّ وترخيص لا يؤول إلى التكليف من حيث مساواة الأفراد في نظر العقل حيث إنّها ممّا يحصل معها الامتثال بالواجب العيني ، وحاصله يرجع إلى التصديق بأنّ الطبيعة المطلوبة إنّما تتحقّق في هذه الأفراد ، وليس ذلك ممّا ينافي حرمة واحد من هذه الأفراد.
وإذ قد عرفت هذه ، فإن اريد من اتّصاف الفرد بالوجوب العقلي التخييري ما ذكرنا ، فقد عرفت عدم المنافاة. وإن اريد معنى آخر مثل حكم الشارع بالتخيير بين أفراد ماهيّات مختلفة ـ كخصال الكفّارة ـ على وجه يتّصف كلّ واحد منها بالمطلوبيّة التخييريّة ، فلا نسلّم أنّ الفرد متّصف بالوجوب بهذا المعنى. وإلزام العقل بالامتثال راجع إلى امتثال الواجب العيني ، ولا حكم له في الأفراد بوجه إلاّ ما عرفت من التصديق ، وهو ليس حكما تكليفيّا ، كما هو ظاهر.
فإن قلت : فعلى ما ذكرت من عدم اتّصاف الفرد بالوجوب ـ على اختلاف أنحائه ـ فما مناط الامتثال؟ ومن أي وجه يتّصف بالصحّة التي لا يراد بها إلاّ مطابقة الفعل للمأمور به؟ ومن المعلوم أنّ ذلك غير معقول على تقدير عدم تعلّق الأمر به بوجه لا عينا ولا تخييرا.