وتحقيقه : أنّ التقييد ـ كالتقسيم ـ عبارة عن ضمّ قيود عديدة متباينة بأمر واحد لا يكون أحدها أو نقيضه معتبرا في حقيقة ذلك الأمر الواحد ليصحّ التقييد به وبما يضادّه كالفصول اللاحقة للأجناس ، أو بما يخالفه (١) في الجملة كما إذا كان بين القيدين مباينة جزئيّة ، كالبغدادي والأبيض العارضين للإنسان مثلا ، على ما هو المقرّر في محلّه. ولا يتحقّق حقيقة التقييد إلاّ فيما إذا كان المقيّد أمرا عامّا قابلا لورود القيود المعتورة عليه ، وإذا فرضنا اختلاف أحكام تلك القيود يجب أن يكون المقيّد بها خاليا عن تلك الأحكام ، مثل ما لو فرض وجوب أحد النوعين وحرمة الآخر ، فإنّه لا بدّ وأن يكون الجنس غير متّصف بالوجوب والحرمة ، وذلك من الامور الواضحة التي لا يكاد يعتريها ريب.
فإذا عرفت ذلك نقول : إنّ محلّ الكلام على ما مرّ إنّما هو في فرد جامع لعنوانين ، وتطبيق ذلك على الجهات التقييديّة غير معقول ، فإنّ ذلك الفرد الجامع ليس من الامور القابلة لاعتوار القيدين المختلفين عليه على وجه يحصل من انضمام كلّ واحد من القيدين به فرد ، كيف! وهو فرد لتينك الماهيّتين ، فلا يعقل تقيّده بهما على وجه يحصل فردان متمايزان. نعم ، يصحّ ذلك في مثل ماهيّة السجود الذي يحتمل وقوعه على وجه التعظيم لله والإهانة ، فإنّ التقيّد بكونه لله يوجب اختلافه معه فيما لو كان مقيّدا بكونه للشمس ، فيصحّ اختلاف الفردين في الحكم.
فما يظهر من بعضهم : من ابتناء المسألة على أن تكون الجهات المعتبرة في الواحد الشخصي تقييديّة فيجوز أو تعليليّة فلا يجوز ، إن أراد أنّه يمكن أخذ الجهة تقييديّة في الواحد الشخصي كما يمكن أخذها تعليليّة ، والكلام إنّما هو مبنيّ على تشخيص ذلك فإن كان اعتبار الجهة من التقييد فيجوز وإن كان من التعليل
__________________
(١) في ( م ) زيادة : ولو.