العموم من وجه حينئذ كما هو ظاهر ، فلا بدّ أن يكون بينهما عموم مطلق ، إذ يكفي في اجتماع الضدّين المحال اجتماعهما في مورد واحد على ما هو مناط الحمل ، سواء كان المحلاّن المتّحدان أصيلين في المورد أم لا. ولا حاجة إلى اتّحادهما بوجه لو فرض انتفاء أحدهما يلزم انتفاء الآخر ، فإنّ ذلك ممّا لا يعقل مدخليّته في الاستحالة المذكورة.
فما قد يتوهّم : من أنّ الغصب والصلاة في محلّ الكلام يرتفع أحدهما مع بقاء الآخر ، كما لو أبطل الصلاة أو حصل له الإذن في الصلاة ، وذلك دليل تعدّد الوجود.
ليس في محلّه ؛ فإنّه كلام ظاهريّ خال عن التحصيل ، فإنّ مناط الحمل إمّا أن يكون موجودا أو لا يكون ، والثاني باطل ضرورة صحّة الحمل في المثال المفروض حال عدم الإذن ، والأوّل موجب للمحال ، فإنّ حمل الأسود على ما هو أبيض وحمل المتحرّك على ما هو ساكن وحمل الواجب على ما هو حرام محال جدّا.
ولعمري! إنّ فساد هذه المقالة أوضح من أن يحتاج إلى البيان. وأمّا حديث الارتفاع فهو مشترك الورود بين الذاتيّات والعرضيّات ، كما لا يخفى على المتأمّل ؛ ومع ذلك لا يجدي شيئا بعد ظهور المناط فيما يوجب المحال ، فكن على بصيرة وتدبّر حتّى لا يشتبه عليك الأمر.
وممّا ذكرنا يظهر الجواب عن التقرير الأوّل في ارتفاع المانع ، فإنّ الفرد عين الكلّي في الخارج ، ولا يعقل أن يكون وجوب الكلّي تعبّديا والفرد توصّليا حتّى يقال بأنّ وجوب الفرد على تقدير وجوب المقدّمة توصّلي يجتمع مع الحرام.
وأمّا ما اشتهر عندهم : من أنّ تعدّد الجهات فيما إذا كانت تقييديّة مجد في عدم اجتماع الضدّين في محلّ واحد (١) ، فهو كلام غير خال عن شوب الإبهام والإجمال.
__________________
(١) انظر حاشية السلطان على المعالم : ٢٩٠ ، وهداية المسترشدين ٣ : ٦٦ ـ ٦٧ ، وضوابط الاصول : ١٣٢.